ألعاب تقتل.. أين الخلل والحل؟!

20-07-2018

يبدو أنه بات من خصائص عصرنا انتشار الألعاب الالكترونية المجانية على شبكة الإنترنت في السنوات الأخيرة، وقد جذبت اهتمام الأطفال والمراهقين من الباحثين عن التسلية والمتعة، غير أنها انتهت ببعضهم إلى القتل والانتحار من خلال تعليمات افتراضية من قوة تأثيرها عليهم وتعلقهم بها!

هل يتصور القارئ الكريم أن لعبة تتسبب في انتحار ما يفوق مئة شخص حول العالم، أغلبهم من الأطفال، لعل من آخرها ما وقع في بلادنا - وفي غضون أسبوع واحد - فينتحر طفل في أبها لتتبعه طفلة في المدينة المنورة!

يحدث هذا في ظل صمت مطبق، ودون تحرك من الجهات البحثية، لمعرفة أسباب إقدام هؤلاء الأطفال على الانتحار وفي هذه السن، ودون تحرك من جهات الاختصاص للتصدي لمثل هذه الألعاب المسببة للانتحار، فلم تقدم جهة تقنية على إثبات أنها السبب في الانتحار، وبذل الجهد لحجبها والحد من انتشارها بأي وسيلة من الوسائل.

لقد بات انتحار الأطفال مشكلة حساسة جدا ومعقدة، يزداد ظهورها على مستوى العالم، من دون أن تأخذ حقها في البحث والدراسة. ووفق دراسات حديثة قليلة أجريت في الولايات المتحدة وسويسرا واليابان، يتضح أن هناك تزايدا في انتحار الأطفال والسلوك المحفوف بالأخطار على نحو لم يكن معروفا سابقا عن المراهقين.

وبالالتفات لمثل هذا الخطر الداهم، فإن الأسرة لا تخلو من تحمل المسؤولية، فبحسب العارفين بهذا اللعبة فإنها تستهدف الأطفال والمراهقين، وتتكون من مجموعة من التحديات تمتد لـ 50 يوما، وفي التحدي النهائي يطلب من اللاعب قتل نفسه، وهنا يكمن السر في الغفلة التي باتت تسود مجتمعنا عن الأطفال والعناية بهم وتركهم بلا رقابة، وفي غفلة من الوالدين اللذين ربما انشغلا عن أولادهما، فباتوا بلا متابعة، وأخص ألعابهم الالكترونية بالذكر، فمراقبة الأجهزة الذكية للأطفال والمراهقين ومتابعتها بشكل مستمر لحمايتهم من الوقوع ضحية لمثل هذه الألعاب من أوجب الواجبات على أرباب الأسر، فهي أهم من توفير المأكل والملبس والمسكن.

وبالعودة للأمور التقنية فإنها مناسبة لأن أناشد القائمين عليها بحجب مثل هذه الألعاب المؤذية، والتي تؤدي إلى الانتحار نتيجة تلك الضغوط التي يعايشها ويكابدها اللاعبون لها، وحجبها وإدخالها في دائرة المحظور باتا أمرا ملحا، خاصة في ظل الأعداد المتزايدة من المنتحرين والمنتحرات من الأطفال، ولا يعنينا غيرنا فمسؤوليتنا هي أولادنا وحمايتهم.

على الأقل نكثف التحذيرات من هذه الألعاب، فالتحذير عندما يصدر من جهة متخصصة يكون أثره أكبر، ويأخذه الناس بمحمل الجدية ويسارعون في الاستجابة له، وحتى هذه اللحظة لم يصدر تحذير من جهة متخصصة فيما يخص هذه الألعاب المدمرة.

أما الأهم في هذا الموضوع فهو الجانب العقدي والناحية الدينية، فالانتحار في شرعنا محرم ومجرم، فالمنتحر إنما عاجل ربه بنفسه، وقد حرم المولى عليه الجنة، ليأتي الدور التوعوي من جميع الجهات، فالمناهج يفترض أن تشير إلى ذلك وبشكل لافت، فيتم غرس هذا الجانب في نفوس الطلاب منذ الصغر، وأن الانتحار حرام بكل صوره وأشكاله، وكذلك أئمة المساجد وخطباؤها يفترض أن يقوموا بتوعية الناس بهذا الخطر والعقوبة المغلظة لهذه الجريمة النكراء، وأنه لا يجوز الإقدام عليها بأي حال من الأحوال.

وأرجو ألا يكون من سمات عصرنا انتشار الانتحار في أوساط العالم بشكل أو بآخر، فالألعاب تعددت وباتت مجانية في تساؤل محير وعجب لا ينتهي، وفي نهاية المطاف فالانتحار في الانتظار، فهل نتنبه لمثل هذه الأخطار.

والأهم هل نجابهها بدلا من أن نقف منها موقف المشاهد كأننا بتنا جمادات بلا حراك؟

aalqash1@gmail.com