في يوم 10 / 10 حُلّت العقدة بقرار حكيم

24-06-2018

عندما كنت صغيرة كنت كثيراً ما أسأل والدي عن السيارة التي سأمتلكها عندما أكبر، وعمّا إذا كنت سأقود سيارتي الخاصة في يوم ما، وكان رد والدي دوماً متفائلاً بأنه سيأتي هذا اليوم حتى لو تأخر عندما أكبر - بإذن الله -، ومضت السنين وكبرت وبدأت ابنتي تعيد السؤال نفسه على أبيها، ويرد عليها بنفس الرد الذي كنت أسمعه من والدي - حفظه الله - سابقاً بأنها عندما تكبر ستقود سيارتها التي تحلم بها، وكنت أستمع إليه وأسأل نفسي، إلى متى ستظل إجابة هذا السؤال عن الوقت لغزاً؟ وما المفتاح لحلها؟، دون أن أقف على جواب مريح أو منطقي لأني آمنت مثلما آمن غيري بأن الوقت الملائم لم يحن بعد.

لكن الحقيقة وجواب اللغز لم يكن فيما كنا نظنه أبداً؛ لأننا عندما أردنا لهذا الوقت أن يحين وضعناه، وصنعنا بكل يسر وسهولة الظروف الموائمة له، فلا شيء مستحيل مهما هول البعض منه.

وها هو توقع والدي يصيب، ومقولة زوجي تتحقق وشكوكي المتراكمة حول إجاباتهم تتبدد بأن العقدة المستعصية قد حُلّت وبقرار حكيم.

يوم 10 / 10 ليس يوماً تاريخياً لأنه ارتبط بالسماح لقيادة المرأة بالسيارة وحسب، بل هو دليل إثبات وحجة على أن أي تغيير ممكن مهما بدا صعباً مادام وراءه رأي سديد وقائد ينفذ بإرادة من حديد، مهما كان حوله من مخذلين أو متوجسين أو خائفين أو حتى كارهين، الرؤية النافذة قادرة على التغيير وقادرة على تحفيز من حولها، وتهيئتهم لتقبل هذا التغيير والتعايش معه بكل احترام سواء كان على هوى لهم أم لم يكن.

نحن الآن نحتفل لأننا استطعنا أن نتجاوز مرحلة كانت تحسب عقبة ونقطة خلاف وحفرة تصيد من البعض بالبداية لنهاية الخلاف المخضرم الذي عايشته أجيال داخل وطنها وفي بيوتها وقارنته متخوفة أو مشجعة بما رأته في ديار غير ديارها، وهي صفحة وسنطويها أو لعلنا قد طويناها فعلاً؛ لننظر بعدها للأمام وللقادم من التحديات والتي تمس واقعنا الاجتماعي ومستقبلنا وهويتنا المستقلة.

فنحن نعلم جيداً أن السماح للمرأة بالقيادة هو في أساسه حق مدني مشروع، وجزء من التنمية الحضارية، ولا علاقة له بديننا ولا بسلامة عقيدتنا، ولا يمكن أن يؤثر على هويتنا لأنه لا يعدو في أساسه عن كونه ممارسة مثلها مثل أي ممارسة أخرى تحكمها أخلاق المجتمع، تربيته، عاداته، وتطبيقه لتعاليم دينه، وآدابه، وتضبطها بكل تأكيد أنظمته وقوانينه.

وبمثل هذه السلاسة وبمثل هذا التفاؤل والبصيرة سنسير قدماً حكومة وشعباً نحو طي صفحات أخرى كانت مثار جدل لنا؛ لنفتح صفحات أفضل في تنميتنا البشرية والثقافية بما نؤمن به ويشتغل به الفرد أو المواطن على نفسه ويحققه من إنجازات فردية تخط وترسم لوحة مبدعة فيما يعرض عن الوطن، وبما يحققه الجمع معاً قيادة وشعباً من دعم وعزم.