التخويف من التقنية هُراء

25-06-2018
شيماء المرزوقي

لطالما سمعنا أن التقنيات الحديثة، خاصة تلك المرتبطة بشبكة الإنترنت، لها جانب سلبي وتسبب إدماناً وضرراً للإنسان، بل وسميت بعدة مسميات وحالات ومنها ظاهرة إدمان التقنية.
وفي كل مرة يظهر لنا مقال أو بحث يتحدث عن هذا النوع الجديد من الإدمان أو من الحالات المرضية، وقد نكون جميعاً قد سبق وكتبنا وناقشنا هذا الموضوع الحيوي والمهم، لأنه بات جزءاً من حياتنا ومن منظومتنا المعيشية، فالتقنية، وخاصة في جانبها الاتصالي باتت جزءاً لا يتجزأ ليس من يومنا بل من جميع تفاصيل هذا اليوم. والتطور في هذا المجال لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، فنحن نطلب غذاءنا وننهي إجراءات سفرنا ومعاملاتنا المصيرية والحساسة بواسطة هذه التقنية.
وهناك تزايد كبير وتطور لا يتوقف في هذا المجال، والتخويف من هذه التقنية، إذا صح التعبير، متواصل ويظهر مع كل تطور ومع دخول كل جديد في هذا المجال، وهناك من يتساءل: أين يمكن أن نتوقف؟ فالذي يحدث أنه يقتلع أشكال الحياة السابقة تماماً وأقصد تحديداً أشكال التعامل وطرق الإنجاز والكسب والادخار والأولويات ونحوها.
جميع هذا قد يتوقف عند بحث علمي جديد مختلف تماماً عما سبقنا وألفناه وتعودنا عليه، فهذا البحث موضوعه الرئيسي ظاهرة إدمان التقنية، ودرس بشكل علمي آثارها النفسية والسلوكية على الإنسان، وقد كانت النتائج الذي خرج بها مفاجئة جداً وهو ما سبب نقاشاً محتدماً وجدلاً لم يتوقف، لأنه نسف تماماً جميع التحذيرات والتنبيهات التي كنا نسمعها عن التقنيات الحديثة، لأنه اعتبرها مبالغات وأساطير لا واقع لها ولا تستند على أي أساس علمي بل إلى بيانات ضعيفة وتسبب حالة من الذعر الأخلاقي بلا مبرر منطقي أو سند من الحقيقة.
يكتسب هذا البحث العلمي قوته وأهميته من العالم الذي عمل عليه وقام بنشره وهو كريستوفر فيرجسون، عالم النفس الأمريكي الشهير وأستاذ ورئيس مشارك لعلم النفس بجامعة ستيتسون في فلوريدا، وزميل جمعية علم النفس الأمريكية، وقد سبق له العمل أستاذاً مساعداً في علم النفس والعدالة الجنائية بجامعة تكساس.
تم نشر البحث في مجلة «علم النفس اليوم» psychologytoday.com
، واستند البحث إلى تجارب ميدانية ومتابعات حية مع المراهقين والعائلات. وقال العالم فيرجسون في بحثه: «معظم المزاعم المتعلقة بالتخويف من التقنية مجرد هراء، وأغلبها يتمحور حول خمس أساطير زائفة».
بقي القول إن التقنيات الحديثة جزء من حياتنا وهي تتطور ولا فكاك من قوتها وسطوتها، والمطلوب فعلاً فهم أثرها والمدى الذي يمكن أن تصله، وهذا البحث يساعد في هذا المضمار.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com