لستم إلا لخدمة الوطن

25-06-2018
إبراهيم الهاشمي

العمل مسؤولية، سواء كان في القطاع العام أو الخاص، في أي منصب كان صغيراً أم كبيراً، لكن أن يتحول المسؤول الأول في أية جهة، وزارة أو هيئة أو دائرة أو قسم إلى فرعون لا يرى إلا نفسه وكأنه لا ينطق عن الهوى ولا يأتيه الباطل من بين يديه، يدّعي معرفة كل شيء، وفهم كل صغيرة وكبيرة، كأنه خلق من غير طينة البشر، ومعصوم من الخطأ، فهذه معضلة تواجه وطننا. فالكثير من مسؤولينا يرون أي نقد أو تصحيح أو اقتراح يتناول عمل المؤسسة التي يديرونها وكأنه قدح شخصي فيهم، متناسين أنهم في تلك المناصب لخدمة الناس والمجتمع وأن المنصب الذي يشغلونه قد شغله أشخاص قبلهم، وسيشغله غيرهم طال الزمن أو قصر، يتحسسون من أي ملاحظة، بل يمارسون التعسف في الخصام والتعامل مع أي جهة إعلامية تتناول بالملاحظة العمل في المؤسسات التي يديرونها، سواء كانت صحفاً أو مجلات أو إذاعات أو تلفزيونات أو وسائل تواصل اجتماعي، فتصدر الفرمانات بمنع التعامل مع أية جهة تسوّل لها نفسها أن تكون ضمير المجتمع وعين الوطن والمواطن فتظهر خللاً هنا أو تقدم اقتراحاً هناك، ويصل الجبروت إلى أكثر من ذلك فتمنع الأخبار عن وسائل الإعلام تلك، ونكاية فيها يمارس المسؤول صلاحيات الخسف والعسف في مصادر الدخل، فتمنع الإعلانات عنها تأديباً لها على تجاوزها الحدود، وكأن أجهزة الإعلام لم توجد إلا للتطبيل والتهليل والتبجيل لهذا المسؤول أو ذاك.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رددها مراراً وتكراراً طالباً من المؤسسات الإعلامية المختلفة أن تكون عين المجتمع وضميره، طالباً منها أن تظهر العيوب ليتم التصحيح واقتراح الجديد ليتم التطوير، وأكد على أن من يقول من المسؤولين إن كل الأمور «تمام» يحتاج إلى عين فاحصة لأن العالم يتطور بسرعة ويحمل كل يوم جديداً، وإننا نحتاج إلى تجديد وتطوير دائمين.
لا أعلم من أي منطق ينطلق كل من جلس على كرسي أي مؤسسة كانت بحيث يختصر المؤسسة في ذاته، فيتورم حتى لا يراها إلا من خلاله، ويرى الآخرين أقل منه فهماً وقدرة، وكأنه فريد العصر ودرة الزمان.
هذه النوعية من المسؤولين للأسف كثر ويحتاجون إلى من يوقظهم وينبههم إلى أنهم ليسوا في مناصبهم إلا لخدمة الوطن ولا شيء غيره من دون تعسف أو خيلاء، ويحتاج الإعلام إلى من يقف في صفه ليؤدي رسالته تجاه المجتمع والوطن والمصلحة العامة دون خوف من تعسف هذا المسؤول أو عقابه.