مهاراتهم صفر مكعب

25-06-2018
ابن الديرة

بعض المتخصصين والموظفين عديم المهارات أو يكاد، ومحور القول أن الاختصاص وحده لا يكفي، خصوصاً إذا اكتفى صاحبه بشهادة يعلقها على الحائط، من دون أن يفهم معناها، ومعناه أن الطريق بدأ، درب المستقبل أو مشوار الحياة أو سمّه ما شئت، ولا طريق من دون ضوء وزوادة ومنطلق وهدف، وإلا هي الغفلة المنحوتة على شكل متاهة. القصد أن على الفرد، والأفضل أن يكون هذا بمعرفة المؤسسة، أن يسعى إلى تنمية ذاته بالمهارات التي تؤهله حقاً لكي يكون مختلفاً وناجحاً. ربما كان من أول ذلك التدرب على حب التدرب، وعشق التعليم المستمر، مشتملاً على القراءة المدروسة الممنهجة، والحرص على حضور المنتديات والمؤتمرات ذات الصلة، فالمواكبة بهذا المعنى ليست حاجة إضافية أو ترفاً. مواكبة مستجدات العلم والعمل مبدأ أول للنجاح والتميز. غير ذلك، فليس إلا الدخول في كهف الماضي، وبالتالي، في السبات والنسيان.
من المهارات المكتسبة تعلم اللغات، اللغات جميعاً مع عدم القفز على اللغة الأم وكأنها غير مهمة أو ضرورية. تعلم اللغة العربية مهم، وليس من اللائق ألا يعرف الموظف أو المسؤول كيف يتعامل مع الجمهور في قاعة اجتماعات أو مؤتمر عبر لغته الأم، إلى درجة أنه لا يحسن مثلاً قراءة خطبة أعدت له باللغة العربية الفصحى، وبالحروف المشكّلة بالأحمر، ما يذكر بأنموذج عبد الحسين عبد الرضا في مسرحية «بني صامت»، وهي من كلاسيكيات المسرح الكويتي، حين صرخ موجهاً كلامه لأخيه: سعد فتش الطباع!
مع اللغة العربية، لا بد من معرفة اللغات الأجنبية، لغة أو أكثر، وكلما زادت اللغات، باعتبارها مهارات مهمة كان واقع الحال أجمل. الشرط هو الجدية والإتقان، فعلى المؤسسات في هذا الجانب تهيئة الوسائل، سواء داخل الدولة أو عبر الابتعاث.
معرفة التعامل مع التقنية الحديثة مهارة جديرة بالاهتمام، فنحن نعيش عصر التقنية ووسائل التواصل، وإذا كنا خارجها، فإننا، باختصار شديد، خارج العصر، لكن اللافت أن بعض الموظفين والنَّاس، البعض الكثير للأسف، ما زال في غربة تامة عن هذه البيئة المتقدمة، وكأنه منفي عنها في جزيرة منسية.
ومن المهارات الغائبة عند الكثيرين من المتعاملين من الناس مهارة التعامل مع الناس، حيث لا لطف ولا ذوق أو أخلاق، وقد يصل الأمر إلى فئات متخصصة ومحترمة جداً، فبعض الأطباء مثلاً يتعامل مع المرضى وأهل المرضى بقسوة مبالغ فيها من دون مراعاة أو إحساس، مع التأكيد أن تكرار التبعيض هنا وفي مواضع عديدة من المقال إنما يأتي نحو تجنب التعميم، وفي التعميم ظلم كثير. في المقابل، فإن مهارات البعض تساوي صفراً مكعباً.
ومن المهارات بعض المعارف التي تليق بهذه المهنة أو تلك، فليس من اللائق انعدام الهيبة عند المعلم، أو أن يكون الوزير أو المسؤول الأول أو الموظف المختص في هذه المؤسسة أو تلك غير مسيس.
ووعي البلد والمجتمع والشأن المحلي والحس الشعبي ونبض الشارع مجموعة من المهارات المطلوبة لكن الغائبة عن كثيرين.
مما يدل على اهتمام الدولة بتنمية المهارات تخصيص المؤتمرات والمهرجانات والمسابقات لهذا العنوان، وتشجيع الشباب على المشاركات الخارجية، وأبعد من ذاك، التأكيد على أن هذا توجه لدى الدولة عبر إطلاق وزارة للمهارات المتقدمة، فهلا اشتغلنا كثيراً على تنمية مهاراتنا؟

ebnaldeera@gmail.com