فضائح بلا حدود

25-06-2018
يونس السيد

الفضيحة الجديدة التي هزت منظمة «أطباء بلا حدود»، وهي واحدة من أكبر وكالات المساعدات الأجنبية في العالم، والتي جاءت تتويجاً لسلسلة طويلة من الفضائح الأخلاقية والسياسية للعديد من المنظمات غير الحكومية، تكشف عن حجم الشكوك التي تثار حول طبيعة عمل بعض المنظمات الإنسانية والدور الذي تؤديه في أماكن متعددة من العالم.
النسخة الأخيرة من هذه الفضائح تتعلق بتورط عدد كبير من موظفي «أطباء بلا حدود» في استغلال النساء على نطاق واسع في إفريقيا عن طريق مقايضة الدواء بممارسة الجنس، وفق تقرير أعدته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، مشفوعاً بشهادات مروّعة، خصوصاً أثناء أزمة وباء «إيبولا»، في كينيا وليبيريا، قدمتها موظفات في المنظمة عن زملاء لهن من دون الكشف عن أسمائهن خوفاً من وضعهن على اللائحة السوداء، بعد أن شعرن بعدم القدرة على تحدي «موظفين كبار» متورطين في هذه القضايا، أو يوفرون الحماية لموظفين أصغر شأناً في التراتبية بواسطة النفوذ والامتيازات التي يتمتعون بها.
وهنا يمكن السؤال، هل وصل الفساد في المنظمات غير الحكومية إلى هذا الحد؟ وهل يمكن لأي عامل أو موظف في منظمات إنسانية بالدرجة الأولى وأنشئت خصيصاً لمساعدة الآخرين، أن ينتهك حقوق وحرمات وإنسانية هؤلاء، لمجرد كونه موظفاً أجنبياً أو غربياً؟ وماذا عن التقارير التي تصدرها هذه المنظمات بين الحين والآخر، والتي يتسبب بعضها في إثارة أزمات دولية؟.
الأمر لا يتوقف على الفضائح الأخلاقية لبعض المنظمات الدولية، فهناك فضائح سياسية ربما تكون أكثر خطراً، خصوصاً لدى المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، وتلك العاملة في مجالات حظر الأسلحة، سواء كانت كيماوية أو تقليدية وحتى غير التقليدية، إذ يتم إخضاع عملها وتقاريرها وفقاً لسياسات القوى العالمية المتنفذة، وبالتالي فإن مثل هذه التقارير إما أن تفجر أزمات دولية، أو تفقد الكثير من مصداقيتها، وتصبح مثاراً للانتقادات والريبة والشكوك وانعدام الثقة.
لا يشفع ل «أطباء بلا حدود» أن تتذرع بحاجتها لمزيد من المعلومات لفتح تحقيق في القضية، فقد يكون العالم اليوم بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى المنظمات الدولية، سواء كانت أممية أو حكومية أو غير حكومية، وبشكل خاص تلك العاملة منها في حقل المساعدات وحقوق الإنسان، بسبب الصراعات المتفجرة في أكثر من مكان من العالم، شريطة أن تتمتع هذه المنظمات بالحيادية والشفافية والنزاهة، وأن تحظى تقاريرها بالثقة والمصداقية، كي تعيد الأمل لملايين المحتاجين والمقهورين واليائسين من وجود عدالة على هذه الأرض.

younis898@yahoo.com