دبلوماسية «صفقة القرن»

25-06-2018
عبدالله السويجي

نشطت الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية بشكل حثيث خلال الأسبوع الماضي، بهدف ترتيب الإعلان، كما يبدو، عن «صفقة القرن»، وسط تصريحات فلسطينية بعدم الاعتراف بمخرجاتها، رافضة منذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، الدور الأمريكي في عملية السلام. وهذه الدبلوماسية الأخيرة استثنت الفلسطينيين وكأنها ستفرض الحل فرضاً عليهم.
مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، جاريد كوشنر استهل جولته بلقاء ملك الأردن وبحث معه «استناداً إلى المشاورات السابقة، التنسيق المتطور بين الولايات المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية والمسائل الإقليمية، بما فيها الوضع الإنساني في قطاع غزة ومساعي إدارة ترامب لإحلال السلام بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين. وشملت زيارة كوشنر أيضاً مصر ودويلة الاحتلال. ولوحظ من خلال بيانات البيت الأبيض، وجود جملة مكررة تتحدث عن «تخفيف الوضع الإنساني في غزة وجهود الرئيس الأمريكي ترامب لتسهيل إحلال السلام بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين». وبهذا تكون غزة قاسماً مشتركاً في اللقاءين، وكذلك مساعي السلام بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين.
ويبدو أن الأمور تأخذ منحى جدياً وملحّاً، ما جعل الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، يطير على وجه السرعة إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي. وعلى الرغم من أن البيان الذي صدر عن الديوان الملكي الأردني قد ذكر أن مباحثات الملك و ترامب «ستركز على علاقات الشراكة الإستراتيجية بين البلدين والتطورات الإقليمية والدولية الراهنة»، وهو كلام عام، إلاّ أن سرعة القيام بالزيارة يشير إلى أن الموضوع لا يمكن تأجيله، لأنه كما يبدو يخص ملك الأردن ودوره في الحل، وما يؤكد هذا الاستنتاج، المباحثات التي دارت بين وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ومدير دائرة المخابرات، عدنان الجندي، مع كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ورئيس المخابرات الفلسطيني ماجد فرج، قبل سفر الملك بيوم واحد. وحركة الدبلوماسية الزمنية التي تمت على الشكل التالي: يوم الاثنين، يقابل كوشنر، نتنياهو رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، ويوم الثلاثاء يقابل كوشنر، ملك الأردن ويوم الأربعاء دارت المباحثات الأردنية الفلسطينية، ويوم الخميس، سافر الملك إلى الولايات المتحدة، هذا التواتر الزمني له دلالة كبيرة وخطيرة، ويؤكد الأهمية القصوى للموضوع الذي حمله كوشنر إلى الملك والمنطقة.
وبما أن لب الصراع - «الإسرائيلي» الفلسطيني، يتعلق باللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا من ديارهم في العام 1948، وكذلك في العام 1967، ومحاولة استيعابهم في الأماكن التي يقيمون فيها، فقد اجتمعت المستشارة الألمانية ميركل بملك الأردن قبل سفره إلى الولايات المتحدة، ووجدها الملك فرصة لإطلاق تصريحات قبل لقائه الرئيس الأمريكي، وقال: «لا يمكن أن يكون هناك سلام ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل ودائم يقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمن وسلام إلى جانب «إسرائيل»، بينما قالت ميركل: «لا يمكن الحديث عن الأردن دون الإشارة إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، والتي تصب في صميم مصالحه، لكن للأسف لم نر على مدار عدة سنوات تقدماً فيها».
وللسبب نفسه، قامت المستشارة الألمانية ميركل بزيارة إلى لبنان يوم الخميس الماضي، وأجرت محادثات مع رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري، ولم يتحدث أي طرف عن حقيقة الزيارة رغم أن البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري جاء فيه أنها «تناولت آخر المستجدات في لبنان والمنطقة وسبل تفعيل العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما على الصعيد الاقتصادي والتبادل التجاري». ومن المعروف أن لبنان ليس لديه ما يتبادله صناعياً وتجارياً مع ألمانيا، ولهذا تسربت معلومات تفيد بنية ألمانيا تقديم 500 مليون يورو للبنان كقرض بفائدة منخفضة. ونعتقد أن المباحثات تناولت ملفّي اللاجئين السوريين والفلسطينيين.

suwaiji@emirates.net.ae