درامتكم لا تمثلنا

24-06-2018

غنيمة حبيب

لطالما كان للفن رسالة سامية غايتها تهذيب النفوس، وطالما كانت الدراما تمثل واقع الحياة الاجتماعية الذي يترك صدى إيجابيا ومحفزا تنمويا، وطالما كانت الكويت سباقة في مجال الفن الذي يحمل في ثناياه النقد البناء، لكن للأسف هذه لم تعد قائمة فيما نراه من بعض مسلسلات تلفزيونية باتت تنتزع من الحياة الاجتماعية أسوأ صورة وتعممها على المجتمع.
تلك المسلسلات التي تقدم الأسرة الكويتية على أنها أسرة مفككة لا رابط بينها سوى المكان، أسرة تعيش في أقصى درجات البذخ، أسرة منسلخة عن تراثنا، تائهة في حاضرها، وتقدم الشاب الكويتي على أنه إنسان بلا وعي وبلا ثقافة اجتماعية، يظهرونه بشكل مترف ، همه اقتناء السيارات الفارهة وأحدث مستلزمات الحياة ومن الكماليات العصرية، وتظهر الفتاة بأحدث الماركات المنشغلة بالتبذير والتجميل، همها الوحيد اهتمامها بمظهرها الخارجي وصورتها أمام الآخرين.
إنني ، كما غيري من أبناء وبنات الكويت، أرفض تلك الصورة المضللة التي بتنا نصدرها للخارج عن أنفسنا، السلبيات موجودة نعم كما الإيجابيات، وهي سمة في كل المجتمعات، فلماذا نحن دون غيرنا نجعل تلك السلبيات في الأمام ونُؤخر الإيجابيات؟ هل باتت الدراما تعتمد على بث العيوب لاستقطاب المشاهد وتحقيق الأرباح والشهرة؟ أم هي مجرد حالة من الإفلاس والعجز عن الإبداع في تقديم رسالة الفن الأصيل؟ فالسؤال إلى أصحاب الفن هنا: هل كل شباب الكويت غارق في البذخ والترف، وهل كل أسرة كويتية تستطيع امتلاك فيلا منذ بداية الزواج أم الحقيقة بأنهم يسكنون عند ذويهم لسنوات طويلة حتى توفر لهم الدولة سكنا يدفعون أقساطها لبقية حياتهم؟ وهل يمتلك كل شاب أو شابة عددا من السيارات؟ أم أنهم يشترون سيارة واحدة بعد أن يقترضوا من البنوك لدفع أقساطها؟ وهل… وهل ، أسئلة كثيرة تتبادر إلى ذهني لم ألق لها أي إجابة مقنعة، لذا أرى بأنه لم يعد لديكم القدرة على تقديم الفن برسالته الراقية ، فلتفسحوا المجال لغيركم فلدينا من هم أقدر على البناء وأجدر منكم في حمل تلك الرسالة.
فلدينا الكثير من النماذج الإيجابية والمتميزة في مجتمعنا، ولدينا الشباب الطامح لبناء مستقبل الوطن، ولدينا الكثير ممن يستطيع إبراز دور الشباب ممن نفتخر بهم والذين يبذلون الجهد التطوعي في خدمة مجتمعهم، ولدينا أيضا الكثير من المخترعين والمبتكرين الذين كافحوا وذُكرت أسماؤهم في الكثير من المحافل الدولية وفي كل المجالات، فأين كل هؤلاء في مادتكم الدرامية؟ لماذا لا تُقدم بعض من قصص كفاحهم في مسلسلاتكم؟ لماذا نجلد ذاتنا على الملأ؟.

فأين أنتم الآن مما كنا نراه من دراما في منتصف القرن الماضي، وأين تلك الأعمال التي كانت تحاكي المجتمع بكل صدق ومسؤولية؟.
إنني أتألم مما قد وصلت إليه بعض من الدراما الكويتية من تدهور وفراغ فكري، خالية بعض مسلسلاتكم من الحس الاجتماعي ، والمستوى الموضوعي ، ناهيك بأنها بات تقدمنا بأسوأ صورة للمجتمعات الأخرى، تسيء إلينا ولا تقدم حقيقتنا، لذا أوجه كلمتي الأخيرة للقائمين على الدراما الكويتية: درامتكم لا تمثلنا، فكفوا عن تلفيق الإساءة لنا ولأنفسكم.

كاتبة كويتية