فوق هام السحب

23-06-2018

أفراحنا ومكاسبنا تتوالى بفضل رائد التحديث الأمير محمد بن سلمان، الذي وعد المواطنين بقوله: «بكل صراحة لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أفكار متطرفة.. نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة، ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية وطننا»..

في أسبوع عيد الفطر انتشى مواطنونا بما قدمته لهم بلادنا من احتفالات تليق بها وبهم، كان المواطنون على موعد مع أفراح وحفلات باذخة عمت أرجاء الوطن، وكأن بلادنا تكافئهم على الصبر الطويل الذي كابدوه سنوات عجاف بسبب هيمنة فكر التصحر على جميع مناحي حياتهم، حيث كان الشكّ وعدم الثقة بأفراد المجتمع، سمتين متأصلتين في الخطاب المتشدد الذي يرتجف من الجديد خشية زعزعة السائد، وقد حفل ذلك الخطاب الذي انتشر في المجتمع طوال أربعة عقود، بنبرات التحذير والخوف والتنبيه من الأخطار التي تهددنا، والكوارث التي ستحدق بنا إن أجازت الدولة أي جديد.

لقد أثبت المواطنون نساءً ورجالاً مقدار رقيهم واستيعاب أنهم أوصياء على هذا الانفتاح اللائق بهم، فجاءت تصرفاتهم مترجمة لوعي ليس غريبًا عليهم، ففي الحفل الذي أحيته المطربة الأوبرالية هبه القواس في مسرح جامعة الأميرة نورة، كان حضور الأسر باذخاً كشف عن تمتعهم بذائقة فنية عالية تليق بما قدمته المطربة التي لمست ذلك الرقي فأثنت عليه. حضور أكد أننا مجتمع طبيعي ليس متوحشاً أو متخلفاً، كما كان يصورهم أعداء الوطن إن في الداخل وإن في الخارج.

كذلك لا أنسى المستوى المبهج الذي ظهر في الحفلات كافة التي أحياها مطربون ومطربات عرب أثنوا على الجمهور السعودي الذي حضر تلك الاحتفالات في مناطق عدة من بلادنا، أما المطربون السعوديون وعلى رأسهم محمد عبده فقد كان لقاؤه برجال ونساء الوطن الذين كانوا يسافرون للدول الأخرى ليحضروا حفلاته، أقول كان لقاؤه بهم وعدًا مع الفرح والفن في أجمل معانيه، على مستوى الكلمات والألحان والغناء، ما جعل الحضور -خصوصاً النساء - ينتشون طربًا، فتماهوا وانسجموا مع المطرب الذي شكل ذاكرة أجيال عديدة، وكون ذائقتها الفنية التي لم تعد ترضى بسواه. كان تفاعل الحاضرات يشير إلى ولع حرمن منه سنوات عديدة، وها هن اليوم يستمعن إلى مطربهن في موطنهن، فلا أجمل ولا أرقى مما غناه محمد عبده والحاضرات للوطن وللرياض:

فوق هام السحب وان كنتِ ثرى

فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى

مجدك لقدام وأمجادك ورا

وإن حكى فيك حسادك ترى

ما درينا بهرج حسادك أبد

أنت ما مثلك بها لدنيا بلد

فرددت الأصداء كلها معه: كيف نخفي حبنا والشوق فاضح، نعم إنه الشوق لعودة الوطن كما كان فرحًا سعيدًا مبتسمًا عاشقًا ومعشوقًا ... و(ما درينا بهرج حسادك أبد) !

ولأن أفراحنا ومكاسبنا تتوالى بفضل رائد التحديث الأمير محمد بن سلمان، الذي وعد المواطنين بقوله: «بكل صراحة لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أفكار متطرفة.. نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة، ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية وطننا.. « لقد وعد فأوفى بوعده ولذا سيكون الوطن كله على موعد مع إنجاز طال انتظار النسوة له، وهو قيادة سياراتهن اليوم 24 يونيو 2018، ذلك الحق الذي حرمنَ منه ذات حجر صحوي مقيت ألبسه الممانعون لبوس الدين وما هو من الدين في شيء، تصدر هؤلاء فقهاء عجزوا عن إيجاد دليل واحد من القرآن أو السنة، فتمسكوا بآراء شاذة تخالف العقل والفطرة السليمة وحاجة الناس في هذا العصر.

وكما أثبت المواطنون رجالاً ونساءً رقيًا ووعيًا مسؤولاً عند حضور حفلات العيد، وكذلك الشباب والشابات الذين برعوا في تنظيم الاحتفالات، فإن الجميع بلا أدنى شك سيكونون أمناء على أن تمرّ بداية قيادة النسوة بسلاسة وتقبل يؤكدان معادن المواطنين الذين هم شركاء في نهضة الوطن من كبوة الصحوة، وأمناء على أن يسير مشروع التحديث كما خطط له ولي العهد، بلا مخالفات أو مبالغات يستغلها أعداء الخارج، وأعداء التحديث في الداخل على السواء، وبعض المقيمين.

إنها نهضة الوطن التي وصفها الكاتب هاني الظاهري بقوله: «مشروعات نهضوية جبارة تنطلق كل يوم وفي كل مكان على وجه الخارطة السعودية، قرارات تاريخية مصيرية متتالية لم يكن يخطر ببال أكثر الحالمين تفاؤلاً أن تصدر بهذه السرعة والبساطة وتمر دون أي مشكلات أو تبعات، تاريخ يتغير بلمح البصر ومستقبل تراه الأعين شامخاً أمامها قبل أن تصل إليه، كل شيء يتم بسرعة شديدة وبحسابات دقيقة لا مجال معها للخطأ»!.

نعم لقد صدق هاني إنه الربيع السعودي الذي نعمنا به فيما الآخرون ما زالوا يعانون من آثار الخريف العربي الذي أوقع بلدانهم في براثن ثلة من الخونة المتآمرين على أمن الأمة العربية، بل إنه الربيع السعودي الذي يحسدنا عليه كثير من ناكري الجميل ذوي الأحقاد والضمائر السوداء التي تتمنى لنا الشرّ فيما نحن نمد لهم أيدي المساعدة بلا منّ.

ختاماً يجب على مواطنينا أن يكونوا في مستوى الحدث أعني قيادة المرأة، وأن لا يعطوا فرصة للمتربصين بنا ليخوضوا في شأننا، وهنا لا بدّ من الانتباه إلى مراسلي القنوات الفضائية الذين يركزون على القضايا الهامشية، ويتصيدون من الأحداث ما يسيء لنا، خصوصاً مراسلي القنوات المحسوبة علينا، تلك التي دأبت على تصيد السلبيات، فينبغي وضع حدٍ لهم.