جوائز أدبية للذكرى

24-06-2018
يوسف أبو لوز

تنتشر في الوطن العربي شبكة من الجوائز الأدبية التشجيعية نظراً لقيمتها المادية المتواضعة، ولكن رمزية هذه الجوائز أعلى من التشجيع المادي، والمقصود منها هو التشجيع الأدبي والمعنوي، مع الانتباه أن رموز هذه الجوائز هم شعراء وروائيون، فيما تكاد لا تذكر جوائز من هذا النوع تذهب إلى مسرحيين أو فنانين تشكيليين.
وفي كل الأحوال، فإلى جانب أن هذه الجوائز تذهب في العادة إلى كتّاب شباب أو إلى من هم في الأربعين من أعمارهم، فإنها، وهذا هو المهم، تذكّر بالأسماء الأدبية التي تحملها.
على رأس هذه الجوائز جائزة محمود درويش التي على ما أعتقد تذهب إلى شعراء فلسطينيين وعرب، وصاحب «محاولة رقم 7». ليس في حاجة إلى استعادة أو تذكير؛ ذلك أن شخصيته الأدبية لا تُنسى هو الذي وراءه إرث شعري يتوازى فيه في الذاكرة الثقافية العربية مع المتنبي.. الحيّ شعرياً.
يُشكّل الشاعر العراقي بلند الحيدري حالة شعرية عربية بالغة الخصوصية، فصاحب «خفقة الطين» وهو أيضاً مثقف رفيع في الفن التشكيلي يقع في منطقة لا تتبع ما يُسمّى روّاد قصيدة التفعيلة، وفي الوقت نفسه هو اسم حاضر تماماً في ذلك الأفق الشعري الريادي، وجائزته «جائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب»، التي فاز بها قبل أيام مناصفةً الشاعر التونسي محمد العربي والشاعرة المغربية نسيمة الرّاوي تذكّر بالحيدري أكثر ممّا تعرّف بالشاعر والشاعرة الفائزين بها، ويصبح، بالتالي، حدث الجائزة مناسبة لاستعادة وقراءة الحيدري من جديد بعد سنوات طويلة على رحيله، بعدما لم يأخذ نصيبه من النقد الأدبي أو «الإعلام النقدي» الذي تنعّم به شعراء من جيله وهو ليس أقل قيمة أدبية وجمالية منهم.
يكاد يُنسى اليوم الشاعر الريادي عبد الوهاب البياتي، والجائزة التي تحمل اسمه يمكن أن تذكّر به أيضاً، فهو شئنا أم أبينا له تاريخ شعري قد لا يعترف به أعداؤه تحديداً، وما أكثرهم، فالبياتي لا يجب أن ينسى ويذوب في الزمن الشعري العربي ووراءه «عيون الكلاب الميّتة»، و«قمر شيراز»، و«بستان عائشة»، و«ملائكة وشياطين» الذي صدر في العام 1950، ولو كان البياتي حيّاً اليوم، لربما، خطر على باله أن يحتفل بمرور 68 عاماً على صدور ذلك الديوان، وتلاه في العام 1954 ديوان «أباريق مهشّمة» أي قبل أن يولد بعض الشعراء العرب «الغارقين» تماماً في نعمة الشهرة والطبل والزمر النقدي «الأدبي».
تحمل جائزة نجيب محفوظ، اسماً روائياً علماً (نال نوبل للأدب) وإلى جانب قيمتها المادية المتواضعة إلاّ أن رمزيتها كبيرة لارتباطها بالقيمة الأدبية لنجيب محفوظ.
كتب الطيب صالح «بيضة الديك» وهي رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) رواية صغيرة «تقرأ في رحلة قطار بين الدمّام والرياض على سبيل المثال» ولكنها تصنّف واحدة من أهم 100 رواية عربية. كتبت قبل حوالي 55 عاماً وصيتها ذائع إلى اليوم والجائزة الأدبية باسم الطيب صالح تُذكّر بالرواية والرّاوي.
جائزة تيسير سبول الروائي الأردني، تذكر بروايته التي صدرت أيضاً قبل نحو نصف قرن من الزمن وهي «أنت منذ اليوم» وتذكر أيضاً بنهايته المأساوية حيث أطلق على نفسه النار منتحراً في العام 1973.

yabolouz@gmail.com