الفريق ما يساعد يا محمد صلاح…! شفافيات

23-06-2018

د. حمود الحطاب

لو كان ابن خلدون راقب المباراة الأخيرة بين روسيا القيصرية ومصر الفرعونية لقال لمحمد صلاح لاعب “ليفربول” ما سأقوله له من مدينة “ليفربول” حيث نمضي فيها أجمل الأيام، فهي مدينة الجمال والنظافة.
يا بو صلاح سمعتك الرياضية كبيرة، واسمح لي ان أقول لك شيئا: ما كنت أود أن تشارك مع منتخب بلادك (المنتخب المصري) في كأس العالم، لأن مشاركتك مع فريق ضعيف ستسيء حتما لتفردك الكروي الرياضي الذي نلت فيه، لك ولمصر ولـ”لـيفربول” سمعة عالمية، لكنني أعرف مشاعرك التي كانت بين حانا ومانا وضيعنا لحانا، وأنا أخشى عليك من التكملة القائلة، واللي بيهوانا ويلي ويلي بطَّل يهوانا، ليش بطل يهوانا؟
فأنت من غيرتك على بلدك، وبلدنا جميعا مصر، أردت أن تشارك الفريق، الذي لم يكن برتبة فريق، بل ولا حتى شاويش ولا غَفَر عمدة، فلقد شاركت يا محمد لتحقق جانبا وطنيا فيك تربيت عليه، ورضعت من كيانه كيانك المعنوي والوفاء، وربما عشت صراعا نفسيا بين الإحساس الوطني وبين تلويث السمعة الشخصية الرياضية القوية بالضعف الذي دخلت في وسطه، فانهزم فريق كنت انت الأكثر بروزا فيه.
لعلك أخطأت يا بو صلاح حين خطر ببالك ربما أنك تستطيع أن تنتزع الفوز من خلال مهارتك، وبفردية لاجماعية، وهي بيت القصيد الذي يريد ابن خلدون اليوم أن يحدثك فيه، فقوة الفرد وحده لا تغير أمة بأكملها، فلابد للفرد من قوة الجماعة، والفريق الذي لعبت في صفوفه فريق مفكك عايز “عَمْرة كاملة” يا بو صلاح، أعني للذين لا يفهمون اللهجة المصرية بـ”العَمْرة” هي تغيير الـ”موتور”، بمعنى تفكيكه وإعادة تصليح أجزائه او تبديل قطع غياره وتشغيله ليعود للحياة من جديد، وهكذا هي حال الحضارة وحال الحكم، فالحضارة لا تقوم بفكرة، ولا بفرد طيلة الوقت فلابد للفرد والفكرة من تكوين جماعة على المنطلق نفسه، فتتعاون قدرات هذه الجماعة لتبني مؤسسات، هي نواة وخلايا المجتمع، ونسيجه وأساسه الحضاري.
لا يستطيع حاكم فرد، مهما أوتي من قوة، أن يبني أمة ودولة، ما لم تكن له عُصبة أمينة قوية بقدراتها تعمل جماعياً من خلال مؤسسات، فليس الحاكم أبا يقود مجموعة من العيال، كما يتصور الحكام الفرديون، وبأسلوب فلاَّحِي، اقصد أنه يقودهم ليعملوا في مهنة الزراعة، او حرف يدوية وما شابه.
في نهاية المحصلة فقائد الدولة ليس العقل الأوحد الذي لايريهم الا ما يرى، ولا يهديهم إلا إلى سبيل الرشاد، وليس هو الأب التسلطي الذي يعيش أبناؤه في جلباب سعادته، فالحاكم مدير إداري يعمل من خلال فِرق متكاملة، هي مؤسسات الدولة بخطة خبرات متكاملة الأركان؛
وكما ينطبق هذا المثل على أكبر شيء، هو حضارة أمم البشر، ينطبق على حالتك… ينطبق على الفرد مثلك يا صلاح، انت والفريق الذي خرج بثلاثية، كادت تكون نظيفة لولا الهدف الـ”بلنتي” او الـ”بنلتي” اعكسها اذا أحببت على المنتخب الروسي، الذي كاد الحارس الروسي فيه أن يلتقط الكرة، فقد لعبتَها فوق رأسه تماما، ولولا حرفنتك بالسير المخادع نحو قذف الكرة في المرمى لأمسكها الحارس باقتدار.
عم صلاح: كنا ننتظر أيضا بعد نتيجتك “الوحشة” نتيجة الاورغواي مع منتخب المملكة العربية السعودية، وكان المتوقع فيها بضعة اهداف نظيفة من فريق الاورغواي لفريقنا الرياضي السعودي الذي نشجعه، لكنها اقتصرت على هدف واحد، فالحالة الرياضية العربية كلها ثياب مرقعة بقطع ليست منها وفيها… ثيابها مرقعة، والرجل حافية، وقد تورمت من الحفاة قدماها؛ وصكوا دكاكين الرياضة، واكتفوا باختيار فرق عالمية تشجعونها من المقاهي يادول العرب، انتم مع قياديي كراتكم ورياضتكم، ولست ادري ليش “بالشين” ومدوخين نفسكم بالكرة كرياضة؟ هناك رياضات أخرى شاهدتُ افلامها ببعض الدول العربية، هي رياضة سباق الحمير؛ وهي رياضة ممكن نتفرد بها عالميا… وماله؟ ما فيهاش حاجة،لا حد يزعل… وخلك بعيد… بعيد… بعيد يا صلاح يا بني عن مثل هذه المشاركة المؤلمة.
مرة تانية اعتذر أيها الرياضي العالمي العربي الخلوق… معلش.
كاتب كويتي