قابليَّة الفساد حوارات

23-06-2018

د. خالد عايد الجنفاوي

سيصعب تخيل وقوع أحدهم في الفساد ما لم يكن لديه قابلية واستعداد نفسي لقبول الفساد والانغماس فيه والاستفادة منه، فلا يُمكن في أي حال من الأحوال لوم الآخرين أو بعض الظروف المحيطة بالتسبب في جر فلان بالغ وعاقل من الناس إلى الفساد، فما لم يكن لدى فلان من الناس استعداد نفسي مُسبق للانغماس في الفساد، أو وُجِدَ لديه دافع نفسي مدفون لتجربة الفساد او التنفع منه، فلن توجد قوة على وجه الأرض يمكن أن تُرغم أحدهم على أن يكون فاسداً رغما عنه. وبالطبع، سيمتلك الانسان البالغ والعاقل القدرة التفكيرية المناسبة لإدراك ما هو خبيث وما هو طيب، وما هو سوي وما هو فاسد، ولهذا السبب ولأسباب أخرى مختلفة لا يلوم الانسان العاقل والبالغ ذهنياً سوى نفسه وقتما يجد نفسه يغتر بالفساد أو يبرره أو يسوغه، فما لم يكن لديه استعداد نفسي مُسبق أو قابلية مكتسبة لوضع نفسه موضع الشبهات وما لم يكن لديه اندفاع نفسي جارف للاستفادة مما يحدث حوله من فساد، لن يتمكن منه الفساد ولا الفاسدين، ولا يُمكن أن يرغمه هؤلاء على التخلي عن مبادئه الاخلاقية السوية، ومن هذا المنطلق، سيجدر بالانسان السوي والعاقل العمل دائماً تكريس استقامته الاخلاقية وأن يحرص على صيانة وحماية عقله وقلبه السويين من الانجرار خلف مظاهر الفساد أو قبولها أو تبريرها بأي شكل من الاشكال، ومن أجل أن ينجح أحدهم في حماية نفسه من أن ينجرف مع طوفان الفساد فحري به العمل على إعادة تذكير نفسه بالحقائق التالية حول الفساد، ومنها بعض ما يلي: سيتحرى الانسان السوي الرزق الحلال، وسيبتعد عن مخالطة من فسدت ضمائرهم وسينأى بنفسه عن الانغماس فيما هو مريب، وسيعمل على الالتزام بما هو حق وواجب أخلاقياً وبما هو مُنصف، ولا يغامر بنفسه بوضعها في ظروف مشبوهة، وسيعمل على مراقبة ومحاسبة نفسه بشكل متواصل وسيبتعد عن لعب دور الوصي الاخلاقي على تصرفات الآخرين، ولا يرمى نفسه في التهكلة أو يضعها في مكان نهاه الله عز وجل عنه.

كاتب كويتي