«صفعة» القرن

22-06-2018
علي قباجه

ليس كل ما يلمع ذهباً، وصف يلازم ما يُسمى مجازاً ب«صفقة القرن»؛ حيث إن هذه الصفقة المزعومة ليس فيها ما يبشر بالخير، شر كلها، فبداية إذا نظرنا للاسم لوجدنا أنه يوحي بأنها صفقة تحقق الخير للطرفين الفلسطيني و«الإسرائيلي»، والسؤال الذي يثار هنا أي فائدة يجنيها الفلسطينيون من هذه الصفقة؟ فهي تقضي بإبعادهم عن بلادهم وتوطين «الإسرائيليين» مكانهم هذا من ناحية، من ناحية أخرى تنسف نضال سنوات قدم فيها الفلسطينيون فلذات أكبادهم لدحر المحتل «الإسرائيلي» عن بلادهم كما أنها تعود لتنطلق من نقطة الصفر في صياغة الحل بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين».
في الآونة الأخيرة سارعت الإدارة الأمريكية من خطاها لتثبيت هذه الصفقة على أرض الواقع وجعلها خياراً ينبغي على الفلسطينيين أن يقبلوا به وإلا لا مساعدات والمزيد من التضييق على مختلف الصعد؛ لكنّ الفلسطينيين لم يتأخر ردهم حيث إنهم بادئ ذي بدء نسفوا هذه الصفقة من جذورها عندما زحفوا شيباً ونساء وشباناً ورجالاً نحو السياج العازل على حدود قطاع غزة المحاصرة في رسالة واضحة بأننا نحن إلى الداخل الفلسطيني وأنتم إلى الخارج، ورغم إعمال آلة الدمار «الإسرائيلي» إلا أن ذلك لم يثنِ عزيمتهم فرباطة جأشهم لو نافست همم الجبال لبلغتها فظلوا ثابتين رغم الشهداء الذين يقدمونهم على أرض فلسطين الغالية.
الفلسطينيون بما فيهم السلطة ومختلف الفصائل قالوا لا لهذه الصفقة المشؤومة ولن يصافحوا يداً ملطخة بدماء أبناء جلدتهم حتى لو لبست ألف قفاز سلام مخادع فمحال أن يكون الذئب يوماً حملاً؛ لكن هذا وحده غير كافٍ فلا بد من خطوات سياسية تسلكها السلطة الفلسطينية، لا سيما وأن «إسرائيل» ومن خلفها الولايات المتحدة تتحركان على شتى الجهات لتقنين هذه الصفقة وإيهام العالم بأنها الحل الوحيد للصراع الفلسطيني «الإسرائيلي» وأنها المخلص متناسين أن هذه الصفقة ولدت ميتة أصلاً وأنه لا توجد بيئة فلسطينية حاضنة لها شكلاً ومضموناً.
«صفقة القرن» لا ينبغي أن تجابه بالرفض والتنديد فحسب، فالشعب الفلسطيني أدى ما عليه وهو ما زال يبذل الغالي والنفيس في مواجهتها ورد بضاعتها الزائفة إلى أهلها، إلا أن النخب الفلسطينية ما الذي قدمته غير الرفض والامتعاض الذي لن يوقف تلك التحركات، فلا بد أن تتحرك السلطة الفلسطينية على صعيدين.. فأولاً ينبغي أن تطرق باب منظمات العالم أجمع، وأن تحشد رأياً عالمياً موحداً ضد «إسرائيل»، ثانياً على النخب الفلسطينية أن تقف إلى جانب الشارع الفلسطيني وألّا تخذله بصفقات وهمية تحت أي ذريعة. فالفلسطينيون الذين قدموا آلاف الشهداء لن يبخلوا بالمزيد في سبيل تحرير أرضهم والقضاء على أي مؤامرة قد تطول على بلادهم.

aliqabajah@gmail.com