التَّحَيُّزُ والمحاباة يدمران العَدالة الاجتماعيَّة حوارات

20-06-2018

د. خالد عايد الجنفاوي

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (المائدة 8).
يتسم المجتمع المتقدم بترسخ مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية في تفكيره الجمعي، وبخاصة بسبب وجود مجموعة من القوانين والاجراءات الصارمة التي تكافح سلوكيات المحسوبية والمحاباة والتحيز أو التحامل ضد الافراد العاديين بسبب انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو المذهبية أو الطبقية، فكلما ترسخت مبادئ العدالة الاجتماعية في المجتمع ستتلاشى فيه ظواهر الاصطفافات والمحاباة العرقية والدينية والمذهبية والطبقية والفئوية والتحزّب الضيق. وحيث سيتم تحقيق مبادئ وأهداف مجتمع الكفاءة عن طريق الاستمرار في تطبيق قوانين تكافح تعارض المصالح والاستغلال، فالمجتمعات الانسانية المتقدمة في عالم اليوم تسن قوانين صارمة وبشكل متواصل ضد المحسوبية وظواهرها المختلفة، وحيث سيتم تطبيق هذة القوانين على الجميع من دون استثناء وأحياناً بأثر رجعي، ولذلك، فستجد الانسان الذي يعيش في مجتمع العدالة الاجتماعية سيحاول قدر استطاعته تحقيق مواطنة هادفة وإيجابية في حياته الخاصة والعامة ستخدم مجتمعه، لأنه يدرك أنّ جهوده الشخصية الايجابية وإخلاصه في عمله وتفانيه في أداء واجباته ومسؤولياته الاجتماعية والوطنية سترفع من شأنه وسيتم تقديرها والاعتزاز والإعتراف بها من قبل ذلك المجتمع، وسيحصل العكس في المجتمع الذي تنتشر فيه مظاهر المحاباة والتنفيع والتحيّز والتحامل الظالم على حساب العدالة الاجتماعية، وحيث سيصطدم الانسان السوي وبشكل شبه يومي بمظاهر المحسوبية، والتي ربما ستُضعف في عقله وقلبه أهمية ممارسة المواطنة الحقة، ولأنّ التحيّز سيشوه منطلقاتها الرئيسة ومبادئها ونتائجها الايجابية المتوقعة، وبالطبع، لن يتحقق اندماج اجتماعي إيجابي بين الفرد وبيئته الاجتماعية والوطنية ما لم يتوفر له حيز نفسي تسامحي مناسب سيتمكن من خلاله تقمص وأداء دوره المجتمعي المناسب، فلا بد أن يتوفر في المجتمع قابلية للتعددية النفسية والفكرية حين لن يشعر الفرد بالاستغراب الاختياري أو القسري، فالمجتمع العادل يمثل البيئة التي سيصعب فيها ممارسة ما سيتناقض مع العدالة الاجتماعية، وحيث سيتوفر ملاذ آمن لكل الافراد، باختلاف انتماءاتهم الطبيعية، لعيش حياة مُجزية.
كاتب كويتي