درس كوك لـ«زوكربيرج»

26-05-2018
سينثيا هولتن*

يبدو أن التصريحات التي أطلقها تيم كوك الرئيس التنفيذي لآبل منتقداً فيها فيسبوك بعد فضيحتها مع شركة «كامبردج أناليتيكا» التي استحوذت على الاهتمام الأكبر خلال الأشهر الماضية، لم تخل من انتقاد مباشر لمارك زوكربيرج شخصياً، حيث أشار كوك إلى أن اعتبار بيانات العملاء ومعلوماتهم الخاصة العملة الأهم بالنسبة للشركة أمر كارثي، كما أن آبل نفسها لا تعتبر بيانات العملاء وبياناتهم ومعلوماتهم الخاصة مصدر دخلها الأول، كما هو الحال مع فيسبوك، رغم أن البيانات التي تمتلكها آبل عن المستخدمين أكبر بكثير عما تمتلكه فيسبوك أو جوجل أو غيرهما، ومن الواضح أن أغلبية شركات التكنولوجيا الأخرى تنتهج نهج آبل في تعاطيها مع بيانات العملاء ومعلوماتهم الخاصة، وينظرون باحترام أكبر لخصوصية تلك المعلومات، على الرغم من الانتهاكات التي تتم بين الفينة والأخرى.
هنالك الكثير من الاختلافات الجوهرية في كيفية تعامل كل من تلك الشركات مع البيانات الخاصة بالعملاء، حيث إن كلاً منها لديها منتج يميزها عن الآخر، وتقوم في ذلك باستخدام تلك البيانات في المقام الأول لتطوير المنتجات التي تقدمها للمستخدمين من أجهزة وبرامج وتطبيقات، أما فيسبوك على الجانب الآخر، فإنها تقوم باستغلال بيانات المستخدمين وتسويقها باعتبارها السلعة الأساسية التي تسوق لها وتستفيد منها وتحقق منها أرباحاً طائلة، كما أن هنالك الكثير من الأمور الأخرى التي يمكن بها تمييز ما تقوم به الشركات الأخرى وتعاملها مع بيانات المستخدمين، وما تقوم به فيسبوك من استغلال صارخ للمعلومات والاستفادة منها بطريقة غير أخلاقية أصلاً. يجب أولاً أن تمتلك كل شركة قوانين داخلية تمنعها من استغلال العملاء بتلك الطريقة، وإلا فإن الأحكام التنظيمية ستكون في انتظار شركات مثل فيسبوك وغيرها.
هنالك الكثير من الشركات والمؤسسات التي تتبني أنظمة داخلية تضبط تعاملاتها فيما يتعلق باستخادم بيانات المستخدمين وكيفية استغلالها، ولكن وعلى الرغم من ذلك، لا يثق الكثير من الناس بتلك الأنظمة الداخلية التي تستخدمها تلك الجهات، للعديد من الأسباب التي تتلخص أهمها في أنها ربما تكون في مرحلة ما ليست متوافقة مع أهداف الشركة وتطلعاتها، وبالتالي يمكن التنازل عنها أو التغاضي عن التعامل بها تحقيقاً لهدف ما، ومن ثم تطبيقها مرة بعد انقضاء الأزمة أو الحاجة التي استوجبت التنازل عنها مؤقتاً. أعتقد أن هناك ضرورة قصوى لفرض قوانين تنظيمية بواسطة المؤسسات الحكومية الرسمية على كل شركات التكنولوجيا بدون استثناء بسبب ما ذكرته من أسباب أهمها عدم كفاءة الأنظمة الداخلية.

*تك أوبنيان