التسول الرمضاني

26-05-2018
راشد محمد النعيمي

حكاية التسول قديمة تتجدد كل عام بأشكال وأثواب مختلفة، تبلغ ذروتها في هذا الشهر المبارك بالذات بعد أن يجد البعض من التسهيلات لزيارة الدولة وسيلة لتحقيق المكاسب السريعة، إضافة إلى أشخاص من داخل الدولة يمتهنون هذا العمل بسبب طيبة الناس ورغبتهم في المساعدة والتصدق حتى دون أن يتفكر الواحد منهم في شخصية السائل أو مظهره أو يسأله عن ظروفه المعيشية ولماذا لم يتجه إلى الجمعيات الخيرية التي تعيش ذروة عملها خلال هذه الأيام وتوفر مختلف أنواع المساعدات المادية والعينية وكوبونات التسوق ولكن لمستحقيها فقط.
المشكلة المستجدة وحسب تصريح كبار مسؤولي الشرطة، أن أغلب المتسولين الذين تم ضبطهم الأعوام الماضية من القادمين للدولة بتأشيرة سياحة أو زيارة وليسوا من المقيمين وتبين أنهم ليسوا في حاجة إلى المال وأنهم يدّعون المرض وعدم القدرة على العمل مستدرين عطف الناس خاصة في الشهر الفضيل، وهو الأمر الذي يجب أن يعيه أفراد المجتمع الذين يوجهون مساعداتهم اليهم وبذلك يشجعونهم ربما دون قصد على الاستمرار في ممارسة التسول مما يؤدي إلى تنامي الظاهرة وظهورها بصور جديدة قد تتطور إلى جرائم سرقة كما حدث سابقاً خاصة في البيوت.
بات التسوّل اليوم من الآفات غير الحضارية ومصدراً للإزعاج ويفتح مجالاً لصور التحايل والنصب للحصول على المال من الناس المتعاطفين مع هؤلاء المتسولين، كما يعطي انطباعاً يسيء للوجه الحضاري للدولة وجهودها في العمل الخيري، وتوافر عشرات المؤسسات التي تدعم المحتاجين بمختلف أشكال المساعدات، إلاّ أن الجهود التي تبذلها الجهات المختصة لا يمكن أن تؤتي ثمارها بشكل فعال إلاّ عبر المشاركة المجتمعية ويتحمل فيها الجمهور واجباته باعتباره خط الدفاع الأول في مواجهة ومكافحة الآفة، خاصة أن المتسولين يتجهون إلى استدرار عطف المواطنين والمقيمين، بصور وأشكال متعددة يغلب عليها الكذب والاحتيال مستغلين طيبة مجتمع الإمارات واندفاع الناس لعمل الخير، غير أن هذه الظاهرة تنعكس بآثارها السلبية على النواحي الأمنية وعلى المجتمع وتشكل قلقاً للجمهور الذي يتعرض لإلحاح وملاحقة من هؤلاء.
كثيرون اليوم يختلقون الأعذار والحجج ويظهرون كل يوم بشكل جديد وأساليب احتيالية، فهناك من يقومون بحمل أوراق طبية مدعين إصابتهم أو أقربائهم بالأمراض، يعرضونها على الناس في المنازل ليستدرّوا بها عطفهم، ومنهم من يدّعي أنه انقطع به السبيل، وبعضهم يمارس التسول أثناء تجواله في الطرقات وبالقرب من المساجد، ومنهم من يدخل إلى المساكن وقد يرتكبون جرائم السرقات تحت غطاء التسول وغيرها من السلوكيات السلبية التي يجب أن نواجهها بشيء من الحزم، إن أردنا القضاء على هذه الظاهرة المقلقة من خلال عدم التعاطف مع المتسولين والامتناع عن منحهم الأموال والصدقات وعدم السماح لهم باستغلال واستدرار العطف للحصول على المال بمختلف الطرق الاحتيالية.

ِALNAYMI@yahoo.com