فاطمة القاسمي تقرأ ابن العربي

26-05-2018
يوسف أبو لوز

تذهب الشيخة فاطمة بنت محمد بن سلطان القاسمي في دراستها التحليلية الصادرة عن منشورات القاسمي إلى مناطق تقرأ للمرة الأولى في تراث محيي الدين ابن العربي وهي المضامين التربوية في كتاباته هو الماثل في ذاكرتنا الثقافية دائماً صوفياً فيلسوفاً مفكراً شاعراً.. مسافراً وراء قلبه من مرسية إلى المغرب إلى الشام إلى مصر، غير أن هذه الدراسة «المضامين التربوية في كتابات محيي الدين ابن العربي» تكشف عن مفاهيم علمية تتصل بالتربية استناداً إلى 27 كتاباً ورسالة شكلت عينة الدراسة منها: مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم، تهذيب الأخلاق، رسالة الانتصار، حلية الأبدال، كتاب الوصية، رسالة إلى الإمام الرازي، وغيرها من عناوين احتاجت إلى الكثير من الوقت والجهد في مختبر بحثي عملت عليه الشيخة فاطمة معتمدة على 150 كتاباً و107 رسائل هي مصادر ومراجع عربية وأجنبية محورها ابن العربي «والباحثة ترى أن اسمه ابن العربي، وليس ابن عربي».. الذي تيقن «.. أن القرآن هو أعظم هبة من الله للعبد، وأن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته العليا، وأن العبد يترقى في معارج الولاية ومدارج الجنات بمقدار تحققه بآيات القرآن».
قبل التوصل إلى المضامين التربوية في كتابات ابن العربي، مهدت الباحثة الشيخة فاطمة لنتائج دراستها بالعصر الذي عاش فيه «الشيخ الأكبر» أو «الكبريت الأحمر»، وألقت الضوء على أحوال العالم الإسلامي في عصره، ثم نشأته وتعليمه، وصفاته.. «.. لم يكن بالطويل ولا بالقصير، لين اللحم، بطنه بين الغلظة والرقة، أبيض مشرب بحمرة وصفرة، معتدل الشعر طويله ليس بالسبط ولا بالجعد ولا بالقطط، أسيل الوجه، أعين، معتدل اللثة، ليس في وركه ولا صلبه لحم، خفي الصوت صافيه..».
تتبع زمني وتاريخي ومعرفي لعلم من أعلام الفكر الصوفي والإنساني المؤثر في ثقافات الشرق والغرب هو المسار البحثي الدقيق والمنظم لمنهج الشيخة فاطمة.. المنهج الذي قادنا إلى جوهر عملها وهو المادة التربوية في تراث ابن العربي؛ إذ تخلص الباحثة إلى نتائج أولية لعملية التحليل، منها باختصار وعلى سبيل المثال لا الحصر: السعي لتوجيه الطالب إلى مرتبة الكمال، التأكيد على لا نهائية العلم، التأكيد على شمولية المعرفة، التأكيد على أن التربية هي النمو والزيادة، التأكيد على مبدأ السيادة في مفهوم التربية، التربية عملية نقل المعرفة، ضرورة أن يقترن العلم بالعمل.. وإلى آخر الاستنتاجات العلمية التربوية المشتقة من المادة الصوفية والفكرية عند ابن العربي.
تقترب الباحثة من مفاهيم عدة في دراستها الموسعة هذه مثل التحليل الفلسفي، والتحليل اللغوي، والتحليل المفاهيمي، نظرة ابن العربي إلى العالم والوجود، نظرته إلى العالم والإنسان وتقسيمه للعالم من حيث مراتبه الثماني والعشرين، ومنها: مرتبة الطبيعة، مرتبة الهباء، مرتبة جسم العالم، مرتبة شكل العالم.
ابن العربي حقل واسع لأكثر من قراءة.. قد يكون أصعبها ما تنطوي عليه كتاباته من مضامين تربوية فحصتها الشيخة فاطمة بنت محمد بن سلطان القاسمي بأدوات بحثية علمية المنهج والأسلوب.

yabolouz@gmail.com