فيلم وكتاب

26-05-2018
د. حسن مدن

ماذا تفعلون حين تلجون صالة السينما لمشاهدة فيلم ما، وبعد حين، يقصر أو يطول، ينتابكم الملل، لأن أحداث الفيلم لم تشدّكم، وأن ظنكم فيه خاب: هل تحملون أنفسكم على البقاء على مقاعدكم في الصالة المظلمة حتى ينتهي الفيلم، أو تغادرونها؟
مشهد الناس الذين يغادرون صالات السينما في منتصف الفيلم، أو حتى قبل منتصفه مألوف، بل ربما كنا نحن أنفسنا من فعل ذلك مرة، أو مراراً، ولكني آثرت أن أطرح السؤال لإشباع فضول من نوعٍ ما، لعله يتركز تحديداً في التالي: ما الذي يحمل شخصاً على متابعة فيلم أيقن أنه ممل، أو سيئ؟ هل يعود السبب إلى شعور خفي بأن مسار الفيلم سيتغير قبل النهاية، ويصبح أكثر تشويقاً؟ بطبيعة الحال ليس كل رواد السينما ومشاهدي الأفلام ينشدون التشويق حين يذهبون لمشاهدة فيلم من الأفلام. هناك عشاق للسينما مهتمون بما يمكن أن ندعوه التفاصيل التقنية، كإخراج الفيلم، وتصوير مشاهده، وطريقة معالجته للنص.. إلخ.
وينسب إلى مخرج معروف قوله إنه حين جرّب حضور بعض أفلامه، كفرد من أفراد الجمهور، لاحظ أن بعض الحضور يداهمهم النوم وهم يشاهدون العرض، ما قد تكون علامة على ملل من نوعٍ ما دبّ في نفوسهم بسبب رتابة الفيلم. الحق أن هذا المخرج لم يبد انزعاجه من الأمر، بل إنه قال: ربما كنت أنا نفسي سأنام، أو أشعر بالملل من أفلامي.
لا ينحصر الأمر في السينما وحدها. إنه ينسحب على قراءة الكتب. وهنا، أيضاً، يمكن أن نطرح السؤال نفسه: ماذا نفعل حين نبدأ بقراءة كتاب من الكتب، فننهي صفحاته الأولى من دون أن تأسرنا، ثم نقاوم، بعض الشيء، رغبتنا في تركه لعل التالي من الصفحات سيشدنا، فلا يحصل ذلك أيضاً، فما عسانا فاعلون؟ أنحمل أنفسنا، قسراً، على الاستمرار في قراءته، ونحن فاقدون للحماس، أم نركنه جانباً، ونختار كتاباً آخر سواه، وفي حال رجّحنا الخيار الأول، فعلى ماذا نراهن، أثمة شعور خفي، هنا أيضاً، بأن الكتاب في نهاياته قد ينطوي على مفاجأة؟ قبل أسابيع بثت إذاعة «بي. بي. سي» برنامجاً يناقش موضوع الكتب التي تصدمنا بعد الشروع في قراءتها، حين نكتشف أنها مملة، أو معقدة، وخالية من المتعة التي يتوخاها القارئ، تماماً كما يتوخى الفائدة.
واستعرض البرنامج آراء مختلفة بهذا الصدد، يذهب بعضها إلى أنه من الأفضل للمرء ألا يجبر نفسه على الاستمرار في قراءة كتاب شعر بالنفور منه منذ البداية، وهو الأمر الذي ينطبق على أشياء كثيرة في الحياة، علينا أن نتحرر منها حين نشعر بأنها عبء علينا.
لكن بين من عرض البرنامج آراءهم أحد النقاد المهتمين بعرض الكتب، الذي أفاد بأنه طالما أجبر نفسه على قراءة كتب حتى النهاية رغم أنه لم يطقها.

madanbahrain@gmail.com