نتنياهو وقوانين الحرب

26-05-2018
يونس السيد

كثير من الارتباك والتخبط في القرارات «الإسرائيلية»، يدفع المحللين إلى التساؤل عما إذا كانت «إسرائيل» قد دخلت منعطفاً مصيرياً، أو أنها بصدد التخطيط لشيء ما قد يكون مصيرياً أيضاً، خاصة أن النجاح والفشل يكونان حاسمين عندما يتعلق الأمر بمسألة الوجود والبقاء.
تعديل قانون الحرب وحصر صلاحية اتخاذ القرار بشنها في شخصين هما: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب أفيجدور ليبرمان، وفقاً لما كان قد أقرّه «الكنيست» مطلع الشهر الحالي، هو بحد ذاته نوع من الخروج على التقاليد العسكرية لا يخلو من المخاطرة، ناهيك عن أنه يدفع باتجاه قيام نظام ديكتاتوري استبدادي؛ إذ عندما يوضع قرار إعلان الحرب بيد اثنين من المتهورين يعيشان أصلاً تحت ضغوط نفسية هائلة، على خلفية اتهامات بالفساد والرشوة واستباحة المال العام، فمن الممكن أن يجرا «إسرائيل» كلها إلى حروب غير ضرورية أو غير محسوبة بدقة، قد تؤدي إلى تعريضها إلى خطر مصيري.
ولهذا، دفعت الانتقادات التي ثارت من كل الاتجاهات، حكومة نتنياهو إلى تعديل المعدل واقتراح مشروع قانون يعيد الأمور إلى ما كانت عليه؛ أي عودة صلاحية إعلان شن الحرب إلى المجلس الوزاري الأمني المصغر «الكابينت».
لكن رغم ذلك، يبدو أن نتنياهو المهووس بالأمن والسرية، وصل إلى مرحلة متقدمة من الشك في كل ما حوله، حيث عقد اجتماع المجلس الوزاري المصغر في غرفة محصنة تحت مبنى المجمع الحكومي في القدس المحتلة، بهدف منع حدوث أي تسريبات وبسبب المخاوف من محاولات تجسس من قبل أطراف خارجية. يتزامن مع ذلك، مشروع قانون آخر وضعته حكومة نتنياهو على رأس جدول أعمالها، ويقضي بمنع تصوير جيش الاحتلال إثناء القيام بمهامه العسكرية، ويفرض عقوبات شديدة على من يخالف القانون.
قد يبدو الأمر سهلاً نسبياً، خاصة أنه يستهدف مباشرة منظمات غير حكومة، بعضها «إسرائيلي» مثل «بتسليم»، وغيرها، إلى جانب بعض قوى «اليسار» لاتهامهم بتوثيق ممارسات جنود الاحتلال وشتمهم، وحتى نعتهم بالإرهاب خلال تغطية أحداث مسيرة العودة الكبرى على حدود قطاع غزة.
مقترح هذا القانون هو الإرهابي المتطرف زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، بدعم من وزير الحرب ليبرمان، لكن جوهر القانون في الواقع، يستهدف التغطية على جرائم جنود الاحتلال، وإطلاق أيديهم في التنكيل بالفلسطينيين دون رقيب، لكي يبقوا في مأمن من أي مساءلة لاحقاً، خصوصاً أن القانون يستهدف أيضاً الصحفيين في كل مكان من الأراضي المحتلة، ما يعني تعريضهم للاعتقال والسجن والغرامة، وترك الاحتلال يستبيح الفلسطينيين وأرضهم كيفما يشاء.

younis898@yahoo.com