احتراف قيادة التطوع

23-05-2018
حصة سيف

قد نكون محترفين بالعمل التطوعي في جميع مجالاته، وأعدادنا بالآلاف في عدة مؤسسات ومجموعات، وقطعنا أشواطاً عديدة في جعل العمل التطوعي جزءاً أساسياً في حياتنا، خاصة في مجتمعنا الذي بات يتنافس الأفراد فيه على التطوع، إلا أن ما ينقصنا فعلاً هو الفكر القائم على العمل بروح الجماعة وتغليب المصلحة العامة أمام أي عائق قد يساهم في عرقلة الجهود المبذولة، ونبذ «الشخصنة» القاتلة لروح العمل التطوعي.
فاحتراف قيادة المجموعات التطوعية، ليس بالأمر السهل، من يدير أشخاصاً همهم فقط العمل التطوعي، ولا شيء غيره، أفراداً تقودهم القيم التي جعلتهم يخصصون جزءاً من وقتهم للعمل التطوعي، ويجعلهم في ديمومة من النشاط والتحفيز يتطلب جهداً كبيراً من قائد المجموعة، فيما أن نجاح إدارة تلك المجموعات التطوعية يتوقف على قدرة القائد على التوافق الذي يحققه بين قدرات أعضائها المتطوعين والفكر الراقي الذي لا بد أن يتمتع به، والذي من شأنه أن يدفعه لأن يرقى بفكر الجميع معه في العمل التطوعي النبيل، ويوفر بيئة التناغم والانسجام بين المهارات والجهود التي يبذلها كل عضو متطوع في المجموعة، ولا يسمح لأي فرد أياً كان موقعه، أن ينسف جهود الأفراد، ويحاول قدر استطاعته التقريب بين وجهات النظر، لا أن يصادم فيما بينهم ليفوز بالقرار الأوحد ويتسيد الموقف، ولا أن يتصيد الأخطاء ليبرر رفضه القاطع لها.
خاصة في ظل توجيهات قيادتنا بتشجيع العمل التطوعي، والعمل بروح الجماعة، وبذل الجهد لإبراز التوافق والتناغم بين فرق العمل بما يحقق المصلحة العامة، لا أن ينفر أفرادها من العمل، ويجعلهم يبحثون عن فرق تطوعية أخرى للانضمام إليها، والبدء من جديد برحلة تطوع جديدة.
كل تلك المؤشرات واضحة في الفرق التطوعية التي ينسحب منها أعضاؤها الأفراد، وينأون بأنفسهم بعد أن كانوا شعلة من النشاط والحيوية، فلا بد أن تكون لنا وقفة جدية تجاه تلك الممارسات غير الصحية، فلماذا يحرم المجتمع من نشاطهم، وتضيع تلك الجهود سدى، من أجل أن تبقى كلمة فرد هي الأعلى.
إدارة المؤسسات التطوعية، تحتاج لاحترافية في تحقيق تناغم الجهود وتوفير البيئة الصحية للعمل التطوعي المثمر، كما تحتاج لرؤية ورسالة واضحة للجميع، وتسخِّر كل الإمكانات لخدمة تلك الرسالة والرؤية في حدود المتاح، كي تثمر قيادة الفرق التطوعية المتخصصة في مجتمعنا عملاً تطوعياً محترفاً، يكون «المجتمع» الرابح الأكبر فيه.

hissasaif@daralkhaleej.ae