حول تداعيات نقل السفارة

23-05-2018
فتح العليم الفكي

لم يكن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى مدينة القدس المحتلة قراراً مفاجئاً ،بل كان وعداً انتخابياً قطعه على ناخبيه ،وأبلغ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبومازن وعدداً من القادة العرب نيته تنفيذ وعده، ولكنهم عبروا عن رفضهم القاطع لهذه الخطوة وحذروه من المخاطر التي يمكن أن تجرها تداعيات هكذا خطوة إلى المنطقة والعالم بأسره.
قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليس جديداً ،بل صادق عليه الكونجرس منذ عام 1995 ولكن لم يجرؤ أي رئيس على تنفيذه منذ ذلك التاريخ ،بل جرت العادة أن يؤجل القرار ستة أشهر في كل مرة يطرح فيها للنقاش.
الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت تدرك أن تنفيذ القرار ستكون له تبعات وردود أفعال ستلحق الضرر بالمصالح الأمريكية في المنطقة والعالم.
في ديسمبر الماضي حذرت الخارجية الأمريكية سفاراتها بالخارج من غضب واحتجاجات جماهيرية على قرار نقل السفارة في العالم العربي والإسلامي، ولكن يبدو أن حالة الضعف والهوان غير المسبوقة التي تعيشها الأمة والانقسام الحاد بين دولها أغرى الرئيس ترامب بتجاهل كل التحذيرات وتنفيذ وعده بنقل السفارة الأسبوع الماضي،بالتزامن مع الذكرى السبعين للنكبة.
إن ردود الفعل على مستوى الشارع العربي والإسلامي لم تكن على مستوى الحدث بل كانت ولا تزال أقل بكثير مما كان متوقعاً ،ولم تخرج إلا تظاهرات قليلة في العواصم والمدن العربية مؤيدة وداعمة للفلسطينيين الذين سقط منهم 65 شهيداً وأكثر من 2700 جريح.
وعلى المستوى الرسمي العربي والإسلامي كانت القمة العربية التي انعقدت في أبريل /نيسان الماضي في الظهران أكدت دعم القضية الفلسطينية وسمى عاهل السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز القمة بقمة القدس، وتم التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وتلاها اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ الخميس الماضي الذي شكلت قراراته موقفاً حازماً تجاه القدس والأقصى الشريف والتزاماً صارماً بمواجهة نقل السفارة والتصدي له بكل السبل.
كذلك كانت قرارات القمة الإسلامية في إسطنبول تصب في نفس الاتجاه.
ولكن مع الأسف لم يتبع كل هذه القمم واللقاءات أية تحركات ملموسة للدبلوماسية العربية والإسلامية لشرح تداعيات القرار وآثاره على عملية السلام وعلى استقرار المنطقة والعالم بأسره.
إن الوقت لا يزال متاحاً لتحرك دبلوماسي عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووقف نقل المزيد من السفارات إلى المدينة المقدسة رغم أن هناك دولتين - غواتيمالا وباراغوي -أقدمتا على نقل سفارتيهما إلى القدس وأن أي تراخ أو تهاون معناه انتقال المزيد من السفارات الأجنبية إلى القدس والتسليم بتصفية القضية الفلسطينية.

alzahraapress@yahoo.com