مجزرة غزة.. عذراً!

23-05-2018
نبيل سالم

المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال «الإسرائيلي» بحق الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة، والتي راح ضحيتها أكثر من ستين شهيداً ومئات الجرحى، بالتزامن مع احتفال افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، ليست الأولى التي ترتكبها الطغمة العنصرية الحاكمة في «إسرائيل»، وهي بالتأكيد لن تكون الأخيرة، طالما استمر الدعم الغربي والأمريكي ل«إسرائيل» التي باتت الدولة الخارجة عن القانون بتصريح أمريكي.
ولعل هذا الواقع هو ما بدأ يستثير الكثير من أصحاب الضمائر الحية في العالم، وينبه إلى خطورة استمرار هذا الدعم المفتوح
لهذه الدويلة، والتغطية على جرائمها.
ولأن الأخلاق لاجنسية لها أو وطن، وإنما هي مسألة إنسانية، نرى كيف أن جرائم الاحتلال هذه لم تستفز العرب والمسلمين فقط، وإنما استفزت وأثارت الملايين من أصحاب الضمائر على مستوى العالم كله، وحتى داخل الدول الغربية وفي الولايات المتحدة؛ الداعم الأقوى ل«إسرائيل»، والتي يمكن القول إنها تمثل شريكاً حقيقياً في جرائم الاحتلال «الإسرائيلي»، وتحديه للأعراف والقوانين الدولية، كما هو الحال بالنسبة للقرار الأمريكي القاضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، متجاهلة القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، حيث حولت واشنطن هذه المنظمة إلى مجرد شكل خارجي، ومنصة للبروتوكولات فقط، وأفرغتها من محتواها، بسبب هيمنتها عليها.
ولعل هذا الواقع المؤسف هو ما دعا مندوب بوليفيا في مجلس الأمن الدولي، ساشا سيرجو، خلال الجلسة التي عقدت في أعقاب الجريمة «الإسرائيلية» في غزة، إلى القول، إن «إسرائيل» تنتهك القرارات الدولية وعلى المجلس الدولي أن يفرض على حكومة «إسرائيل» حماية المدنيين الفلسطينيين والتحقيق في الأحداث الماضية»، في إشارة إلى اعتداء قوات الاحتلال «الإسرائيلي» على المتظاهرين السلميين على حدود غزة، حيث تساءل سيرجو: «لماذا لم تحقق المحكمة الدولية فيما حصل خلال التظاهرات؟».
وفي كلمة اعتبرت الأقوى في مجلس الأمن، قرأ المندوب البوليفي أسماء شهداء المظاهرات السلمية في غزة، قبل أن يتوجه للمحتلين «الإسرائيليين» قائلاً: أنتم تقتلون الأطفال والنساء.
والحقيقة أن هذه المواقف ليست جديدة بالنسبة لدول وشعوب أمريكا اللاتينية، التي ذاقت هي الأخرى طعم المؤامرات الأمريكية، ما جعلها تتقاسم الهموم مع الشعب العربي والفلسطيني خاصة؛ الضحية الأكبر للتحالف «الإسرائيلي» الغربي، الذي امتدت شروره إلى العالم بأسره.
في ظل صمت دولي غريب ومريب على الجرائم «الإسرائيلية»، وهو أمر تنبّه الكثيرون إلى خطورته، باعتباره يمثل مشكلة أخلاقية، يعانيها عالمنا الحالي، حيث لم يتردد المندوب البوليفي في التوجه بالاعتذار إلى الشعب الفلسطيني، على ذلك التردد والقصور والضعف في الموقف الدولي قائلاً: «سامحونا أيها الفلسطينيون، نحن آسفون لأننا سمحنا لقوة احتلال غاشمة بقتلكم بدم بارد، نحن آسفون لأننا فشلنا في إعادة خمسة ملايين فلسطيني إلى أرضهم السليبة، نحن آسفون لأن دولة عظمى هي أمريكا تحمي بقوة السلاح وضعف هذا المجلس الجزار الذي يقتلكم».
نحن حقاً آسفون أيها الفلسطينيون، سامحونا حتى يسامحنا الرب على خذلاننا.
موقف مهم يمثل كما هو دائماً صرخة ضمير في وجه المجتمع الدولي، الذي أثبت عجزه ليس في حماية الشعب الفلسطيني وحده، وإنما في نصرة أي شعب آخر، طالما تستمر الهيمنة الأمريكية على القرارات الدولية، وطالما تسيطر القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة؛ الشريك الأساسي في جرائم الاحتلال «الإسرائيلي»، على الأمم المتحدة والمنظمات والمؤسسات الدولية المنوط بها تنفيذ القوانين الدولية، أو محاسبة من يخرقها أو يتجاهلها.
أخيراً، لابد من القول إن جرائم الاحتلال «الإسرائيلي» المدعوم أمريكياً وغربياً، باتت تثير اشمئزاز وغضب كل الشرفاء وأصحاب الضمائر الحية في العالم، مثلما تكشف بوضوح حجم الدور الأمريكي في هذه الجرائم، وأهمية وضع حد للهيمنة الأمريكية على الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية، ووقف الدعم الغربي والأمريكي ل«إسرائيل»، إذا ما أريد للعالم أن يعيش السلام الحقيقي.

nabil_salem.1954@yahoo.com