ما بعد أزمتنا مع الفلبين…!

25-04-2018

حسن علي كرم

سارع السفير الفليبني في الدقائق الاخيرة، من المهلة التي كانت وزارة الخارجية الكويتية قد حددتها للسفارة الفلبينية لدى الكويت، بتسليم عصابات خطف العاملات الفلبينيات من منازل مخدومهن، او المغادرة، سارع وزير خارجية الفلبين للاعتذار للكويت حكومة وشعبياً عن التصرفات غير الديبلوماسية ااتي قامت بها السفارة، ومن جانبه قدم السفير الفلبيني اعتذاره للحكومة الكويتية.
لكن السؤال هل يكفي اعتذار وزير خارجية الفلبين او السفير حتى نقول بالكويتي الصريح»طاح الحطب»، وان العلاقات الكويتية الفلبينية لن تتأثر بالسحابة العابرة؟
قطعاً ليس هذا كل ما يمكن ان نقوله او ما قد يقوله المسؤولون في وزارة الخارجية الكويتية، ففي تقديري ملف الازمة لا يزال مفتوحاْ ولم يغلق، وان تسارع الخارجية الفلبينية الى الاعتذار، بدءا من وزير وزيرها، ليس بالضرورة ان لا تبعات لذلك.
خالد الجارالله الوكيل المعتق، قال، بما معناه:»رغم أني لست من المؤمنين بالمؤامرة، لكن الازمة الفلبينية مفتعلة»، لكنه لم يدخل في التفاصيل، بمعنى لم يشرح من له مصلحة بافتعال ازمة بين البلدين كانت ،حتى قبل شهرين العلاقات بينهما جيدة ، ولا هناك ما يعكر تلك العلاقة، من هنا اقول ان ملف الازمة لا يزال وسيبقى مفتوحاً و ان غداْ لناظره قريب!
ازمة العمالة الفلبينية لم تفتعلها وزارة الخارجية الفلبينية ولا وزير خارجيتهم، الازمة افتعلها رئيس جمهوريتهم، سعياً للمزيد من التقرب مع الطبقات الشعبية التي سوف تخدمه في الانتخابات المقبلة. الرئيس دوتيرتي ريغو يواجه معارضة شديدة من منافسيه، لذلك لا أظن انه سوف يتنازل بسهولة عن ملف أكسبه شعبية هو بحاجة اليها في معركته الانتخابية الشرسة، أذن الرئيس الفلبيني لم يقل كلمته الاخيرة في شأن الازمة، أذن الملف سوف لا يزال مفتوحاً الى ان يقول الرئيس كلمته، واقرب الظن لن يقول كلمته الاخيرة، حتى لايخسر القاعدة الشعبية التي نجح في اكتسابها جراء الازمة»المفتعلة»، وفق وصف خالد الجارالله.
كويتياً ايضاً لا ينبغي غلق الملف بمجرد اعتذار من وزير فلبيني صلاحيته لا تتعدى بوابة وزارته، فالسياسة الخارجية لا يرسمها وزير الخارجية والعلاقات بين الدول لا يحددها وزير الخارجية، انما تبقى أمور العلاقات والسياسة من شان رئيس الدولة، فهل سمعتم تصريحاً من الرئيس الفلبيني ينم عن الاعتذار للكويت؟
هذا جانب، الاخر ان السفارة الفلبينية لم تعد سفارة لتنمية العلاقة بين البلدين، انما باتت اوكاراْ للخارجين على القانون، فهي تستأجر بيوتاً وتنشئ ملاجئ، من دون علم السلطات الكويتية، بغية أيواء رعاياها الذين يتم خطفهم من بيوت مخدوميهم او الهاربين من مخدومبهم.
هذا لا يحدث الا لان السفارة لم تجد من يساءلها عن تصرفات استفزازية وغير ديبلوماسية ومخالفة للقوانين الكويتية، ايواء المقيمين الفلبينيين في السفارة مسألة لا ينبغي التساهل ازاءها او التغاضي عنها، فالسفارة ابتدعت بدعة، ليس مستبعداً ان تفعلها سفارات اخرى، ما يجعل البلاد تحكمها سفارات وتنشىء دويلات!
ازمة الفلبين خطأ مشترك، اذا كانت الدولة او السفارة الفلبينية افتعلتها، لكن الحكومة الكويتية وتحديداً وزارة الخارجية تساهلت، بل لعلها تجاهلت، وكأن الازمة لا تحدث في الكويت، ولا ان وزارة الخارجية مسؤولة عنها وان عليها من جانبها ان تتحرك، لذا خطأ الكويت و خطأ الخارجية الكويتية اعظم .
ان عدم التحرك في الوقت المناسب كان وراء تضخيم الازمة، ووزارة الخارجية تحتاج الى ضخ دماء جديدة، وعقول جديدة، لان العالم يعيش عصر المتغيرات السريعة، وما كان مقبولاً قبل نصف قرن بات في الألفية الثالثة ومع الثورة التكنولوجية وثورة الاتصالات والمكاشفة بات مرفوضاً.
تجديد الدماء في الخارجية مطلوب وتجديد سياستنا الخارجية ايضاً مطلوب، وتالياً تغيير الطواقم القديمة والمستهلكة هذا هو المطلب الذي تاخر كثيراً…!

صحافي كويتي