الفجوة بين بيزوس والعمال

25-04-2018
باري ريثولتز

بعد أن تلقيت تقارير مفاجِئة مضمونها أن متوسط الأجر السنوي للعاملين في «أمازون» يبلغ نحو 28 ألف دولار باستثناء مؤسسها جيف بيزوس، تبادر إلى ذهني فوراً، إذا ما كانت أمازون شركة تكنولوجيا تدفع رواتب عالية، أم أنها مجرد شركة تجزئة منخفضة الأجور. فقد كشفت البيانات الأخيرة التي أعلنت عنها الشركة، العدد الكبير للموظفين، وعمال المخازن الذين يتقاضون أجوراً متدنية، وهي نفس البيانات التي أظهرت أن بيزوس يتقاضى 1.68 مليون دولار، أو ما يعادل نسبة 59 إلى 1، رغم أن المبلغ لا يرتقي أن يوضع في مقارنة مع ما يتقاضاه الكثيرون من تنفيذيي الشركات الكبرى، بسبب أن بيزوس هو أغنى شخص في العالم، وتبلغ ثروته 129 مليار دولار، وفقاً لآخر التقديرات.
إن السبب الأول في تلك الفجوة المتعاظمة حسب رأيي، هو قوى السوق التي تتضمن الأجور المنخفضة والعولمة، والصدمة الصينية، والأتمتة، ونشوء الأنظمة الإلكترونية، وهي الظروف التي خلقت أوضاعاً استطاع بيزوس الاستفادة منها إلى أقصى درجة ممكنة، وجعلته يتربع على عرش أثرياء العالم. كما أن التوسع الكبير الذي شهدته الشركة وتغلغلت بواسطته إلى جميع أركان الاقتصاد يمكن أن يفسر بعضاً من غموض المشهد، حيث استأثرت التكنولوجيا بجزء مقدر من النشاط الاقتصادي داخل الولايات المتحدة، كما هو الحال في دول أخرى، وأصبحت الكثير من المنتجات إلكترونية لا تتوفر إلا عند شركات مثل أمازون التي أصبحت امبراطورية توفر جزءاً كبيراً من المنتجات الاستهلاكية.
إن نموذج عمل أمازون واضح جداً، وهو أن تقوم الشركة بشحن منتجات عينية إلى المستهلك، ورغم أن هذا النموذج يعتمد كليا على التكنولوجيا وسلاسل التوريد، فإنه لم يكن لينجح من دون المخازن ومنافذ التوزيع الكبرى التي تمتلكها الشركة، وما عزز أكثر من قوتها هو استحواذها العام الماضي على «هول فود ماركت» بقيمة وصلت إلى 13.7 مليار دولار. ولك أن تتخيل أن أغلبية موظفي أمازون عمال، وسائقون من الدرجات الدنيا، بسبب طبيعة عملها الذي يتطلب كماً كبيراً من الأيدي العاملة في المخازن وسلاسل التوريد الخاصة بها. على الجانب الآخر، يبلغ متوسط أجور «أبل» 100 ألف دولار، فيما يبلغ ذلك المتوسط نحو 190 ألفاً للعاملين في «جوجل»، بما أن الشركتين لا تعتمدان بشكل كبير على نموذج المخازن الذي يستوعب أكبر قدر ممكن من القوى العاملة. ومن هذه الأرقام فإن «أمازون» ربما تكون الوحيدة بين عمالقة التكنولوجيا الخارجة عن القاعدة، ولكن نموذج عملها جعل منها أكبر من جميع نظيراتها الأخريات.

بلومبيرج