قمة ثقافية عربية

19-04-2018
يوسف أبو لوز

كتبت أمس حول الدبلوماسية الثقافية في الإمارات بوصفها قوة ناعمة ذات كيانات دولية تسعى إلى نشر ثقافة السلم والمشاركة والتسامح في العالم من خلال المفردات العامة للثقافة: الفنون، الآداب، التراثيات الشعبية العالمية، الموسيقى، الرياضة، الاتفاقيات المتبادلة بين اتحادات الكتّاب العرب والعالم، المهرجانات الأدبية مثل مهرجانات الشعراء، الأوركسترا،/.. المتاحف/.. الآثاريات/.. الترجمة..، وإلى آخر مكونات هذه القوة الناعمة التي تثبت جدواها يوماً بعد آخر في صناعة الأمن والسلم الدوليين، وجدواها الحقيقية والعملية أيضاً في مواجهة تحديات العنف والإرهاب وفكر التكفير وتسييس الأديان والمعتقدات.
هذه إضافة إلى ما كتب أمس، ولكن لهذه الإضافة مناسبة مهمة وهي ترحيب القمة العربية في الظهران قبل أيام بفكرة عقد «قمة ثقافية» ضمن توصيات وأفكار القمة السياسية العربية التي توّجها القادة العرب بقمة القدس.
القمة الثقافية العربية إذا انعقدت بآليات مهنية جادة وبقرار سياسي مسؤول هي أيضاً «قوة ناعمة»، وتأخذ هذه القوة أهميتها وجدواها إذا صدر عنها قرارات ملزمة تستمد حيويتها أولاً من القرار السياسي.. عدا عن رمزية هذه القوة الناعمة نحو وحدة الثقافة العربية ووحدة أدواتها ومكوناتها.
ولكن، ما المطلوب من القمة الثقافية العربية؟
أولاً.. أظن أنها ليست المرة الأولى التي تجري فيها أفكار من هذا النوع «أي قمة ثقافية».. وثانياً المطلوب مباشرة استقلالية هذه القمة عن أي تبعات أيديولوجية أو سلطوية ومباشرة نقول إن بعض المثقفين العرب اختاروا وفي الربيع العربي تحديداً خيار الاصطفاف السياسي وراء النظم القمعية الاستبدادية في بلدانهم وأقصد هنا مباشرة، ثالثاً.. ذلك الفرز والاصطفاف الذي أوجده الربيع المتحول خريفاً بين الكثير من الكتّاب العرب الذين اتخذوا موقفاً مسبقاً يساند البعث السياسي على سبيل المثال، وتحديداً في سوريا، وجاءت هذه المساندة من بعض مثقفي دول الجوار لسوريا مثل بعض المثقفين الأردنيين والفلسطينيين واللبنانيين والقليل من المثقفين المصريين.
لنكن، إذاً، صرحاء ولا نغطي الشمس بالغربال كما يقولون،.. فكيف لنا أن نعقد قمة ثقافية عربية بقوى ناعمة إذا كانت تعشش في هذه القوة الناعمة قوى ثقافية خشنة تتكئ في خشونتها على خشونة القوى والنظم السياسية الطغيانية الاستبدادية مثل النظام السوري.
النقطة الثانية: مطلوب وبكل وضوح من القمة الثقافية مناهضة بيئات تغذية الإرهاب وتمويله وإيوائه وضخ المال على رموزه التي تسيس الدين وتستغل السياسة لمنفعيات فردية مرتبطة بدول في المنطقة في حد ذاتها.. ولسنا في حاجة إلى تحديد أسماء أفراد وأسماء كيانات وأسماء دول راعية للإرهاب.. لأنها كلها هذه أصبحت مكشوفة ومتداولة يومياً في الإعلام السياسي، والإعلام الثقافي على السواء.
النقطة الثالثة.. توسيع إطار القمة الثقافية العربية إلى قمة ثقافية عربية عالمية تستقطب النخب الفكرية العقلانية النقدية في العالم المناهضة بطبيعتها لفكر الإرهاب بوصفها نخباً مستقلة عرفت منذ مئات السنوات تاريخ الاستبداد في العالم، ونقدت هذا التاريخ من قيعانه.. ونظرت منذ تلك السنوات لفكر السلم والتسامح والتعايش العالمي عن طريق الثقافة.

yabolouz@gmail.com