أسس ومبادئ العلاقات الدولية

18-04-2018

د. عبدالله راشد السنيدي

من المعلوم لدى الجميع أن المجتمع الدولي المعاصر يتكوَّن من مجموعة كبيرة من الدول، منها دول كبيرة واخرى صغيرة ، ومع ذلك فقد أكدت المواثيق الدولية على إرساء مبدأ التعاون بين الدول لما فيه مصلحة البشرية لكي تعيش في أمن واستقرار بعيداً عن شبح الحروب والمنازعات والأطماع، ذلك أن أي دولة، مهما بلغ حجمها الإقليمي أو الاقتصادي أو السياسي أو العسكري، لا يمكنها أن تعيش وحدها أو أن تستغني عن غيرها من الدول الأخرى ، فالولايات المتحدة رغم كونها صاحبة أول اقتصاد في العالم، والصين صاحبة المركز الثاني في مجال الاقتصاد العالمي لاتستغنيان عن الدول الأخرى الأقل منهما مساحة أو إقتصاداً أو قوة، حيث تستورد هاتان الدولتان الكبيرتان من دول الخليج العربي مثلاً نسبة كبيرة مما تنتجه في مجال الطاقة، التي تساهم وبشكل كبير في استمرار ازدهار وقوة إقتصادهما.
ويترتب على التعاون بين دول العالم إرساء مبادىء المحبة والإنسانية والسلام فضلاً عن أهميته المادية والاقتصادية في ان تعيش المجتمعات البشرية في استقرار ورفاهية، ومن أجل ذلك أكدت الشرائع السماوية والمواثيق الدولية على مبدأ التعاون والعلاقات الإنسانية بين الدول، ففي القرآن الكريم مثلاً: ورد التأكيد على أساس وأصل البشرية وأنه يفترض مع ذلك أن يسود مبدأ التعاون البشري لما فيه عمارة الكون وبالتالي تحقيق مصلحة الإنسان، مهما كان جنسه أو لونه أو عقيدته، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13 الحجرات).
أما بالنسبة للمواثيق الدولية كميثاق هيئة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد ورد فيهما العديد من المبادىء التي تحض على التعاون في المجالات الإنسانية كافة، ومنها المشاركة في حفظ السلام والأمن الدوليين بمنع الأسباب التي تؤدي للمنازعات، و أيضاً تعزيز العلاقات الودية بين الدول على أساس مبدأ المساواة بين البشرية، وتحقيق التعاون الدولي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وتحقيق مستوى أفضل للمعيشة وتوفير فرص العمل، وتيسير الحلول اللازمة للمشكلات الدولية، وكفالة الحرية والعدالة والمساواة.
والتعامل بروح المودة والإخاء من دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو العقيدة أو الغنى أو الفقر، وتحريم استرقاق الإنسان أو احتقاره أو تعذيبه أو معاقبته إلا بعد محاكمته وإدانته فالمتهم استنادا الى المبدأ القانوني بريء حتى تثبت إدانته، ولكل إنسان حرية التنقل والسفر واختيار مكان إقامته داخل دولته وله حق التعليم والعمل والأجر المقابل لعمله،وكذلك إقامة العلاقات الديبلوماسية بين الدول بما يعزز التقارب والتعاون بينها، وأن تصون كل دولة ديبلوماسيي الدول الأخرى لديها بما في ذلك توفير الحماية وكفالة الحصانة الديبلوماسية لهم كعدم القبض على الديبلوماسي عند ارتكابه إحدى المخالفات، إنما تكتفي بإشعار دولته وتطلب منها إعادته إليها، وألا يدخل الى مسكنه أو تفتيشه أو التعرض لممتلكاته وسيارته وحقائبه أو مراسلاته أو التعرض لمقر البعثة الديبلوماسية، وأيضاً احترام المعاهدات التي تتم بين الدول، سواء كانت ثنائية أو جماعية، وذلك بتسجيلها لدى أطراف المعاهدة ونشرها بما يحقق علانيتها وتنفيذها باعتبارها تدخل في إطار التعاون الدولي، وإذا تبيَّن لأي من الدول المشاركة في المعاهدة وجود ضرر عليها من معاهدة معينة بسبب غش من دولة أخرى أو بسبب إكراهها على توقيع المعاهدة فإن بإمكانها أن تطلب إلغائها بالطرق الديبلوماسية حسب ما أوردته إتفاقية فينا لقانون المعاهدات الدولية.

كاتب سعودي
ssnady592@gmail.com