قوة المملكة ودرع الخليج

18-04-2018

منذ أن اشتعلت أولى شرارات ثورات الربيع العربي المزعوم والمملكة قد أدركت أنّ المنطقة تنذر بالتصدّع على مستويات كثيرة، من بينها تغير الخرائط، وتبدل المحاور وثبت أنه لا يمكن الفصل بين الأحداث الإقليمية حينها وبين استهداف المملكة بكل ما أوتيت بعض القوى الإقليمية من قوة، ما جعل المنطقة العربية تمر بما أسميه محاولات تغيير الخرائط السياسية، وتبدل الأفكار وصراع بعض القوى حول محاولة بسط النفوذ في العالم العربي.

لذلك تأتي أهمية وتوقيت تمرين درع الخليج المشترك في الوقت الذي تقود فيه المملكة معارك مكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار لدول المنطقة المسلوبة وتخليصها من الاحتلال وشرور مثلث الشر والسيطرة والتحكم في معايير القوى في المنطقة وقطع الطرق على مخططات مرتزقة السياسة ويتمثل ذلك في الأهداف الاستراتيجية من تمارين درع الخليج والتي تكمن في الحفاظ على أمن دول المجلس المشاركة واستقرارها، من خلال التصدي لأسباب عدم الاستقرار، ومصادر الخطر التي تحدق بالمنطقة بأكملها، وإبراز قدرات العمل العسكري المشترك، والتأهب الدائم لمساندة وحدة المنطقة وعروبتها وردع كل ما يشكل تهديدًا لها.

يقول ملك الحزم والعزم: «‏في استضافة المملكة لتمرين ‫درع الخليج‬ واجتماع قوات أكثر من 24 دولة؛ تأكيد على قدرتنا جميعًا على العمل ضمن تحالف منسق، وتنظيم عسكري موحد؛ لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تحيط بمنطقتنا»، إذاً درع الخليج المشترك هو رسالة لكل طامع بأمن المنطقة.

يقول المتحدث الرسمي لتمرين «درع الخليج المشترك 1» العميد الركن عبدالله السبيعي: التمرين يهدف إلى رفع كفاءات القوات المشاركة لمواجهة التحديات والتهديدات، ضمن بيئة عمليات مشتركة لتحقيق مفهوم العمل المشترك؛ حيث تشارك في التمرين قوات عسكرية على مستوى عالٍ من التدريب والاحترافية واستُخدمت فيه العديد من الأسلحة الحديثة والمتطورة.

حضرني عنوان التقرير والتساؤل المثير للسخرية الذي طرحه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمنشور في موقعها على شبكة الإنترنت 6 مايو، 2015 (هل تستطيع السعودية أن تقود العالم العربي نحو السلام؟) نطرح السؤال بصيغة مختلفة هي الأكثر صواباً للعارفين بتاريخ السياسة السعودية على طوال تاريخها: هل تستطيع السعودية أن تدافع عن أمنها وأمن المنطقة وتقود العالم نحو السلام؟

وعدا المتكسبين من سوق وبورصة حروب العالم أو المقامرين بها من تحت طاولة المفاوضات السياسية! يتساءل التقرير المنشور لصالح معهد واشنطن: «يمكن للأشخاص المنطقيين ألا يوافقوا على الحكمة وراء قرار المملكة للتدخل في اليمن. بيد أن هذا التدخل أثبت أنه يمكن للرياض، وعندما تتعرض للتهديد، أن توظف كل قوتها العسكرية والسياسية والدينية والمالية لحث حلفائها من الدول العربية والإسلامية على خوض نزاع مسلح، الخطوة التي اتخذتها المملكة تبعث برسالة قوية مفادها أن المملكة لا تقف مكتوفة الأيدي عندما يتعلق الأمر بالأمن»، واليوم في ظل متابعة العالم لمجريات تمرين درع الخليج المشترك نقول كما قال جون كيندي في الستينيات من القرن الماضي: «إذا كنا أقوياء فستعبّر قوتنا عن نفسها، وإذا كنا ضعفاء فلن تسعفنا الكلمات»!