ثورة الآليـين

18-04-2018

كيف تتخيل شكل الحياة على الأرض بعد ألف عام من التقدم التقني؟

هل ستتحول الروبوتات مثلاً (والآلات الذكية عموماً) إلى جنس مستقل يملك ذكاء خاصاً، وتدير لوحدها مصانع (يحظر على البشر دخولها)، تستنسخ بني جنسها؟

والعارفون ببواطن التقنية يدركون أن الذكاء الاصطناعي قد يظهر بأشكال كثيرة، وليس بالضرورة من خلال الروبوتات أو الرجال الآليين.. قد يتشكل من تلقاء ذاته بطريقة غير ملموسة أو حتى مشاهدة (كأن يحدث ذلك داخل شبكة الإنترنت، أو التطبيقات الذكية، أو تكامل النهايات الطرفية)..

لا أحد يعرف مثلاً مستوى التعقيد الذي يجب أن تصل إليه شبكة الإنترنت كي تصل لمرحلة الوعي والاستقلال بذاتها.. فدماغ الإنسان يمكنه التفكير والابتكار، (ويملك وعياً بوجوده) بفضل تجاوزه مستوى معيناً من كثافة وتعقيد الاتصالات العصبية.. وعلى هذا الأساس قد تكون شبكة الإنترنت هي العقل الجبار الذي سيهيمن مستقبلاً على العالم، ويتحكم بكل شيء حولنا (بما في ذلك إطلاق الصواريخ والأسلحة كما شاهدنا في فيلم الترمنيتور).. فبعد عقود من التضاعف المستمر قـد يرتفع مستواها لمرحلة نوعية، وتتحول تلقائياً إلى عقل مفكر عملاق (تلعب فيه ملايين الريسيفرات دور الخلايا العصبية، والألياف البصرية دور الموصلات العصبية)..

وفي حال وصلت الشبكة أو أي من أجهزتنا الذكية إلى مرحلة التفكير الذاتي سنرى نتائج لم نسمع عنها حتى في قصص الخيال العلمي.. ستبدأ بتطوير نفسها في تفاعل متسلسل مستمر وسريع.. وتسلسل كهذا يعني احتمال وصولها إلى درجة خارقة من الذكاء يتعسر على الإنسان فهمه..

وحين يتحقق ذلك قد يصبح البشر عبيداً للآلات، وتصبح حرية الإنسان مشروع تفاوض مع الروبوتات.. وهذا الاحتمال لا يجول فقط في خاطر عامة الناس بل وحتى العلماء والمتخصصين الذين لا يعرفون متى ولا إلى أي مستوى سيتضاعف ذكاء الآلات من تلقاء ذاتها..

أذكر أن عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينج (الذي توفي في الشهر الماضي ومؤسِّس مركز دراسة المخاطر المهدِّدة للبشرية في جامعة كامبريدج) قد أعلن عن تخوفه مما سماه «يوم قيامة يثور فيه الذكاء الاصطناعي على البشر، ويقوم بأعمال منظمة لإبادتهم أو استعبادهم أو تعطيل حضارتهم، التي أصبحت تعتمد أكثر وأكثر على شبكة الإنترنت»..

واحتمال كهذا جعل مراكز البحث تضع بروتوكولات تضمن السيطرة على أي تضاعف لذكاء الآلات لا يمكن السيطرة عليه.. أصبحت هناك قوانين احترازية في صناعة الروبوتات والآلات الذكية، مشتقة من قوانين وضعها كاتب الخيال العلمي إسحاق عظيموف - يشير إلى أولها: عدم تمكين الروبوت من إيـذاء البشر أو يسمح لروبوت آخر بفعل ذلك..