رياضيات سياسية

18-04-2018
خيري منصور

رغم أن العالم يدين للعرب بالكثير من المنجزات العلمية خصوصاً في الحساب والجبر، والدور الرائد لجابر بن حيان في هذا المجال، إلا أنهم في العصر الحديث اخترعوا رياضيات قومية مضادة ،وكذلك لوغرتمات سياسية من طراز عجيب. فقد حذفوا مفاعيل لها علاقة بالجمع والضرب وضاعفوا من مفاعيل سلبية ذات صلة بالقسمة والطرح.
وكانت الحصيلة أن ما كان مرشحاً ومؤهلاً بجدارة للتكامل أصبح موظفاً للتآكل، وبذلك حوّلوا النعمة إلى نقمة، سواء تعلق الأمر بتعدادهم الديمغرافي والمواقع الاستراتيجية أو بالثروة.
وتمدد ذلك لكي يطال حتى حراكاتهم تحت شعارات ثورية، إذ سرعان ما اختلط نابل الثورة بحابل الفوضى، وتهديد الدول بالشيخوخة المبكرة والتفكيك والفشل لصالح طوائف وميليشيات على حساب الهوية الأم، فكانت تلك الهويات الفرعية أشبه بالأعشاب السامة التي تتغذى على حساب جذور الشجرة العملاقة.
هذه الرياضيات التي جرى اختزالها إلى القسمة والطرح حولت الفائض إلى نقصان ومديونيات، والمديونيات ليست مادية فقط، إنها أيضاً حضارية وثقافية بامتياز، وما ألحقه العرب بأنفسهم وببعضهم أيضاً قد يكون أشد خطراً وضرراً مما ألحقه بهم الغزاة، لأن العدو الخارجي واضح ومحدد ولا تخطئه البوصلة الوطنية، لكن المثل العربي القائل إن سوس الخشب من صلبه له دلالات لا آخر لها. وما حدث بالفعل في بعض الحالات هو أشبه بالتسوس ، لهذا ينبغي التفريق بين ما نحن عليه كعرب الآن وما يمكن أن نصبح عليه إذا تم تدارك ما تبقى، وما تبقى ليس قليلاً بأي مقياس، فما تزخر به هذه الأرض في باطنها وعلى سطحها وبموقعها يكفي لتحقيق أحلام وئدت بسبب الإحباط وطرق أبواب هي رسوم على الجدران وليست أبواباً!