الحرب لم تنته بعد

18-04-2018
يونس السيد

ضربة «المرة الواحدة فقط» التي وجهها التحالف الثلاثي، الأمريكي البريطاني الفرنسي، إلى النظام السوري، يبدو أنها لن تكون كذلك، لأن تداعياتها لا تزال تتفاعل على مستوى المواجهة الغربية - الروسية التي وجدت في سوريا ساحة مناسبة لتصفية الحسابات ورسم السياسات الاستراتيجية.
صحيح أن الضربة أخرجت بطريقة متقنة، بحيث هدَّأت الحالة الانفعالية للتحالف الثلاثي، وأعطته المصداقية المطلوبة، بالنظر إلى تصعيد المواقف والتهديدات المباشرة التي سبقت تنفيذ الهجوم، ووفرت، بالمقابل، الوقت الكافي لروسيا وحليفها النظام السوري لاستيعاب الضربة، وإخلاء المواقع المستهدفة، وحرصت على عدم الاستفزاز المباشر للجيش الروسي، إلا أنها بالمحصلة النهائية لم تؤثر شيئاً في مسار الحرب السورية أو في تغيير المعادلات على الأرض، وبالتالي فإنها أرضت التحالف الثلاثي من دون أن تؤدي إلى صدام عسكري مع روسيا.
قد يكون هذا السبب بالذات ما دفع المعارضة السورية لانتقادها ووصفها بالضربة المسرحية أو الاستعراضية، ناهيك عن الخلافات التي أثارتها داخل دول التحالف نفسها، ما دفع هذه الدول بدورها إلى محاولة فتح مسار سياسي لحل الأزمة المستعصية إدراكاً منها أن أي عمل عسكري يصبح عديم الفائدة بدون تحقيق هدف سياسي، مع الإبقاء على كل خياراتها مفتوحة، بما في ذلك الخيار العسكري وتوجيه ضربات أخرى للنظام إذا عاد لاستخدام الأسلحة الكيماوية والمحظورة.
لكن محاولة إحياء المسار السياسي تحتاج إلى بناء نوع من الثقة، خصوصاً مع روسيا، حيث الثقة تكاد تكون معدومة، وحيث تشعر روسيا بنوع من «الإهانة»، لتجاهل تحذيراتها وتحديها في منطقة تعتبر ساحة نفوذ تقليدية لها. وبعيداً عن السجال الدائر حول بعثة التحقيق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، فإن روسيا أصبحت تحت وطأة ضغوط كبيرة وتساؤلات عديدة تتعلق بعدم الرد على الضربة الثلاثية، سواء من جانب حلفائها أو في الداخل الروسي، إذ إن هذا الداخل الذي يعاني تأثير العقوبات الأمريكية والأوروبية، لم يقتنع بالتبرير العقلاني لتجنب المواجهة مع الغرب، ومحاولة إظهار التحالف الغربي بمظهر فقدان الشرعية وانتهاك قواعد القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، وهناك أيضاً من يطالب بالرد، وبالتالي فإن مصداقية الدولة الروسية أصبحت على المحك.
من هنا، تبدو عوامل المواجهة الروسية - الغربية لا تزال قائمة، وقد ألمحت موسكو إلى ذلك مباشرة خلال جلسة مجلس الأمن التي عقدت عقب الضربة، ومن خلال التلويح بتزويد النظام السوري بأنظمة صواريخ «اس 300» للدفاع الجوي، ناهيك عن أن الأزمة السورية لا تزال مفتوحة على مصراعيها، خصوصاً إذا ما انتقل الصراع إلى الجنوب السوري، نظراً للحساسية الشديدة الناجمة عن العامل «الإسرائيلي» ولأنه مشمول بمظلة الحماية الأمريكية، وبالتالي فإن كل عوامل المواجهة لا تزال قائمة والحرب لم تنته بعد.

younis898@yahoo.com