شيفونية الحميدي السبيعي

17-04-2018

حسن علي كرم

النائب عن الدائرة الخامسة الحميدي السبيعي ، يفترض ان يكون منفرداً او متفرداً على غالبية النواب و بخاصة النواب المستجدين على العمل البرلماني ، فالدخول في المشاكسات والمشاغبات مع الحكومة كاستجواب وزير لكونه لم يمرر للنائب معاملة ، او تقديم أسئلة لمجرد القول نحن هنا ، هذا لا يعني قطعاً تميزاً او يضع النائب في دائرة الأهمية.
مجلس الأمة مر على قاعته عشرات النواب الذين دخلوا المجلس وخرجوا منه دون ان يتركوا ظلاً او بصمة تذكرهم بأنهم كانوا هنا يمثلون الأمة، ويؤدون واجبهم النيابي عن الأمة دون تمييز مناطقي او فئوي او سياسي او حزبي، والقليلون، بل والاقل القليل، ربما عددهم قد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة الذين دخلوا و خرجوا وما زالت ذكراهم لا تمحى، وحديت يتكرر، هؤلاء النواب القلة ينطبق عليهم القول «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا» وكم كان يامل المواطنون من كل أعضاء المجلس السابقين او الحاضرين ان ينطبق عليهم القول الكريم ، لكن عندما يشيح النائب عن قسمه الدستوري ويدير ظهره للأمة، ويغتنم فرصة وجوده في المجلس لتعظيم الذات سواء بالمال او بالمكانة الوجاهية او الاستحواذ على امتيازات غير مستحقة ولا قانونية ، هنا نسال هل يستحق هذا النائب المقعد الذي استحوذعليه باسم الأمة، وهل الأمة او اقلها ناخبوه يغفرون له اذا نأى عنهم مقابل الانغماس بالذات، واحسب ان الكثيرين من المواطنين وعلى الاخص الناخبين الذين يتكبدون مشقة الذهاب الى مقرات الانتخاب ، لانتخاب نوابهم وقد يحدوهم الأمل بان الغد سيكون أفضل من الامس ، الا ان هذا الأمل بالغد الأفضل لن تشرق شمسه الا في وجود المخلصين وفي القلوب الطيبة والنظيفة والوطنية الحادبة على الخير والمحبة والانسانية ، لا على التفرقة و العنصرية والمناطقية او الحزبية او القبلية او الطائفية او اي لون من ألوان التفرقة و التشظي.
قطعا هذه ليست دعوة للمثالية بقدر ما يستوجب على من اقسم باسم الله العظيم ان يؤدي أعماله بالامانة و الصدق و الاخلاص و الوطنية ، فالوطنية عملة ذهبية عزيزة لا تلمع الا في القلوب النقية الخالية من الأنا و الأثرة.
ان الوطنية لا تستقيم والتعصب القبلي او الطائفي او الديني أو المذهبي أو الحزبي، فهل يستقيم الأيثار والأثرة او هل تستقيم السفاهة و السمو ، او هل يستقيم الخلق الرفيع و الانحطاط ، ان القلوب وعاء المرء ، فمن كان قلبه يملؤه حب الاخر ظهر ذلك على سحنات وجهه ، وحسب قول نبينا الكريم «حب لأخيك كما تحب لنفسك» اخوك ليس أبن بطن أمك وانما اخوك في الوطن والكون الأرحب.
النائب المحترم الحميدي السبيعي، حفظه الله، لم يكن يحتاج إلى ان يلفت النظر اليه، في موقف او مسألة جانبية غير ذي أهمية، بقدر ما توهم ان ذلك سيرفع منزلته لدى ناخبيه ويزيد في معيار كفته، هذا التوهم كشف مكنونات النائب التي دلت على الشيفونية والعنصرية الكريهة شفاه الله منهما، فضرب المواطنين و تشطير وحدتهم ليس الا دعوة للعنصرية ، و تفتيت لكيان الأمة.
لعلي بداية اعرف ان الحميدي السبيعي رجل قانون ورجل منخرط في مهنة المحاماة، ورجل ادعى انه يدافع عن حقوق الانسان ، هذا قبل ان يدلف الى سدة المنصب البرلماني، التي زادته مسؤوليات فوق مسؤولياته في المحامات والدفاع عن المظلومين وحقوق المضطهدين، فالنائب، الحميدي يعرف هذا جيداً انه لا يمثل منطقته الانتخابية او شريحة من المواطنين او قومية او طائفة ، بقدر تمثيله للأمة ، هذه الأمة الواسعة العريضة المتمثّلة بكل الكويتيين و كل القاطنين على ارض الكويت من شمالها الى جنوبها و من بحرها الى يابسها و من نسائها و رجالها و شيبها و شبابها و من بنيها و بناتها ، لكن ان يأتي هذا النائب ممثل الأمة ، الحقوقي و المحامي و يرمي كل ذلك خلف ظهر ، و يغرق في العنصرية البغيضة التي تغضب الله قبل ان تغضب الأمة فيقترح تجنيس ابناء الكويتيات المتزوجات من أزواج عرب ، كيف ساغ له ذلك غير انها سادية و سقوط في الجاهلية ، و عنصرية مكشوفة ، ما ذنب ابناء بقية الكويتيات ألمتزوجات من غير العرب؟ فالكويتيات لعلمك متزوجات من اميركان وانكليز و هنود و من خلق عظيم هذا فضلاً عن العرب ، فاذا كان بعض ابناء الكويتيات لا يحتاجون جنسية امهاتهم ويفضلون عليها جنسيات آبائهم ، لكن لاحاجة ان – تشط – نفسك و كانك اكتشفت حلاً لثقب الأوزون او اقلها حلاً لمشكلات الديرة التي ما فتئت – بسلامة راسكم نواباً و وزراء- تزداد تعقيداً ، اما كان أجدر لو اقترحت منع زواج الكويتيات من الاجانب، بغض النظر عن الجنسيات او الأصول ، لان ابناء وبنات الكويتيين و الكويتيات بعد اشاعة الزواج المختلط بات أخوالهم و أعمامهم يسكنون في كل الكرة الارضيّة و لا فخر؟
يا اخي بسكم من الفوقية و النفس الكريه ، بسكم من النعرة العنصرية و الغاء الاخر ، وكانكم أنتم الأسياد و الباقون عبيد عندكم ، فلا أنتم دماؤكم زرقاء و لا الاخرون دماؤهم مغشوشة ، اعلم اخي ، و لا يحتاج مثلك للتذكير ان الكويتيين بكل طوائفهم و نوازعهم يشكلون شعباً واحداً ، و كياناً واحداً ، و لا تنازع بينهم الا في قلوب المرضى و المنافقين، انت اليوم عضو مجلس امة و غداْ قد تكون خارج المجلس ، فاترك لنفسك أثراً طيباً لعل الناس يتذكروك.
كاتب كويتي