حماسكو للإدانات!

17-04-2018

أقبح ما يمكن أن يفعله «ثائر» ضد الاحتلال هو أن يضع يده في يد محتل آخر، وأسوأ ترويج لقضيته العادلة يحدث حين يقف في صف ظالم آخر.

هذا الترويج السيئ والتخبط الذي لا معنى له هو ما يفعله «الحمساويون» في غزة وهم يرون في إيران «المخلص المنتظر». وإدانة حماس للضربات أو ما سمته «العدوان» على الأراضي السورية تبدو كتقديم العزاء للقاتل، لأن الضربات لم تكن سوى «مزاح ثقيل»، ثم إن العدوان على الأراضي السورية لم يحدث فقط حين أتت الصواريخ الأمريكية للتنزه في الأماكن الفارغة. العدوان الحقيقي على سوريا كان على يد إيران ـ الحليف ـ والذي لم يكن يتنزه، بل كان يقتل ويهجر دون أن تعتقد حماس أن في هذا أي اعتداء على الأراضي العربية من أي شكل.

حماس لم تر في التهجير الطائفي أي اعتداء، ولم تر في قتل الأطفال بكافة الأسلحة المشروعة وغير المشروعة أي اعتداء. لكنها فجأة قررت أن تدين من يهاجم المعتدي ولو كان هجوما «صوريا» لا معنى له.

وآخر غضبة لحماس قبل إدانة الصواريخ الهزلية الذكية والجميلة كانت إدانتها لتصنيف «حزب الله» كمنظمة إرهابية.

قد يكون مفهوما ومبررا وربما منطقيا حين تدين حماس كل اعتداء، لكن حين تكون هذه الإدانات انتقائية ثم تكون إيران ومشتقاتها هم الاستثناء الوحيد من كل هذه الإدانات التي توزعها يمينا وشمالا فإن الأمر لم يعد يحتاج لكثير من التفكير لمعرفة الطريق الذي اختارته وقررت أن تسلكه.

لا أحد يستطيع ـ حتى وإن كره حماس ـ أن يصادر تاريخها ووقوفها في وجه المحتل الإسرائيلي، كلنا ـ دون استثناء ـ كنا في يوم ما معها قلبا وقالبا، لكن التاريخ المشرف لا يكفي وحده، فالحاضر والتعلق بالسياسة والتحالف مع المجرمين تنسف كل بارقة جمال في هذا التاريخ.

الصهاينة شذاذ الآفاق استفادوا من الأرض في قضية فلسطين، أما القتلة والمجرمون الآخرون ـ الذين تتحالف معهم حماس اليوم ـ فقد استفادوا من القضية ذاتها في سحق وتجهيل شعوبهم، وفيلق القدس ـ صديق حماس ـ لم يتفرغ للقدس بعد لأنه مشغول بقتل اليمنيين والسوريين والعراقيين. وجل الذين رفعوا «الشعارات» وسموا الفيالق وأجهزة الاستخبارات بأسماء القدس وفلسطين لم توجه فوهات بنادقهم إلا إلى صدور شعوبهم. أصبح الجهل والتخلف والانحطاط الأخلاقي والقيمي والاقتصادي والثقافي والفني ضريبة مقبولة ومبررة في نظر هؤلاء الطغاة من أجل «القضية الكبرى».

وجند قاسم سليماني ـ أو الأخ قاسم كما يسميه الحمساويون ـ في اليمن وأعني الحوثيين أيقونة التخلف في كوكب الأرض، يصرخون في كل مناسبة «اللعنة على اليهود» ثم يقتلون مسلما يمنيا.

وعلى أي حال ..

أظن أن القيامة على الأبواب، وأتمنى أن أجد متسعا من الوقت قبل ذلك اليوم لأكتب أشياء لا علاقة لها بالسياسة ولا بالسياسيين.