سخريات النحو

25-02-2018
عبد اللطيف الزبيدي

هل تريد معرفة عجائب النحاة؟ صديق عاتبني على ما رآه إغلاظ الخطاب الموجّه إليهم. قلت: هذا عتاب له جواب. نحن نتمنّى ألاّ تصبح العربية لغة أجنبيّة في بلاد العرب، وأن يتكلمها الأبناء والأحفاد ويكتبوها بلا عناء، ولكن المناهج انتقلت إليها عدوى كتب النحو القديمة، فهيهات الشفاء.
مشكلتنا مع النحاة مثل مأزق الفلسطينيين في إحياء عمليّة السلام. علقوا في طين الإحياء والعمليّة ففاتهم السلام. لقد شغلنا النحاة عن لبّ النحو بركام القشور. جعلوه ضرباً من المنطق والألغاز، في حين أنه لا يقوم له منطق، ولا يستقيم به نطق. على علماء اللغة الجدد أن يبسّطوا قواعد لغتنا ليستطيع التلاميذ والطلاب تعلّمها. النحاة «يصطِفلوا» إذا انقسموا شيعاً إلى كوفيين وبصريين، تميميّين وحجازيين، بغداديين وأندلسيّين. هل سنفتح لخلافاتهم جامعة عربية أخرى، ونختنق بالقرارات والتوصيات الفارغة؟ يتحدثون عن المنطق. «ثلاثة أقلام» يُعربونها: مضافاً ومضافاً إليه. أين الإضافة، الثلاثة أضيفت إلى ماذا؟ هل هذه كقولنا: مفتاح الباب أو موج البحر؟ ويعربون «الأقلام الثلاثة» صفة وموصوفاً. أين الوصف؟ هل هذا كقولنا: السماء زرقاء؟ هل العدد نعت ووصف لموصوف؟ ما المنطق في الحديث عن نائب الفاعل في قولنا: «أُكِل الخبزُ»؟ كيف صار الخبز نائب الآكل؟ الأنكى: «احتُلّ العراقُ»، أي ناب العراق عن الأمريكان في احتلال العراق. كيف تُقنع طالباً فلسطينيّاً إذا قلت له: «اغتُصبت فلسطينُ»، فلسطين نائب الفاعل، أي أنّها نابت عن اليهود في اغتصابها. ماذا لو قال الطالب في «أُكل الخبزُ»: «الخبز مفعول به مرفوع وعلامة رفعه الضمّة الظاهرة في آخره، وأُكل وقوع فعل الأكل عليه، لا شأن لي بالفاعل الذي أكله، سمير أو جورج أو الكلب.
ثمّة مهاترات غريبة مثل بناء «حيثُ» على الضمّ، ولماذا لم تُبن على الفتح أو الكسر أو السكون؟ يبرّرون رفع الفاعل ونصب المفعول، بأن للجملة فاعلاً واحداً فاختير له الرفع لأنه ثقيل، بينما تحتمل الجملة مفعولات عدّة فأعطوها النصب لأنه أخفّ. يا سادة، نصف المفردات الإيطالية آخرها حرف العلّة اللاتينيّ «0» ولم يشعر الإيطاليون بثقله. إعراب «كم» الاستفهامية مهزلة: «كم كتاباً قرأتَ؟ «مبتدأ» كم فيلماً شاهدتَ؟ «مفعول به». كم ركلةً سدّدت؟ «مفعول مطلق». كم دقيقةً ركضت؟ «مفعول فيه». بكم قريةً مررت؟ «مجرورة». خلّصونا بقى». يقولون في التخصيص «نحن العربَ» مفعول به منصوب بفعل تقديره أخصّ. لماذا التقدير والإضمار والاستتار؟ هل هي خلايا نحويّة نائمة؟ لماذا لا نقول تمييز، ونستريح من البحث عن المختبئ؟
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: النحو على هذا النحو ينحو نحواً مضادّاً للتربية السليمة. اللغة لغة العرب فيسراً لا عسراً.

abuzzabaed@gmail.com