الكويت رمز التسامح وحسن الجوار أوراق الخريف

20-02-2018

د. احمد بن سالم باتميرا

هناك رجال يصنعون التاريخ وهم قلة ، ومن بين من صنعوا التاريخ لبلدانهم ، وسيبقون خالدين على مر العصور، سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت الذي استطاع ان يجعل من الجغرافيا واحة للسلام والرخاء بين الشعوب والدول من خلال تبني قيم التسامح وحسن الجوار.
فديبلوماسية وانسانية صباح الاحمد هي التي وضعت الكويت على عرش العمل الانساني، وهي التي رشحت سموه ليقود المصالحة الخليجية ، وهي التي احتضنت المؤتمرات واقرت المنح المالية لدعم الشعب السوري وغيرها من المؤتمرات، وقبل أيام مؤتمر إعادة اعمار العراق.
حقا انت أمير الانسانية والمواقف الصعبة، وسيشهد لك التاريخ بأحرف من نور ، كيفت حولت الجغرافيا لواحة سلام ومعان سامية ورخاء واستقرار بين الشعوب وامن وامان للبلدان المتجاورة. من هنا نعرف مغزى واهمية مؤتمر الكويت الدولي لاعادة اعمار العراق وأكدت ذلك كلمة سموه ان «استقرار العراق جزء لا يتجزأ من امن واستقرار الكويت». سواء من خلال اعماره بعد الدمار الذي لحق به، او مساعدته في مواجهة المخططات الإرهابية والتصدي لداعش وما وراء داعش.
الرسائل التي وجهها امير دولة الكويت بإقامة المؤتمر على أرض الكويت سامية متعددة، تقودنا الى السمو عن الصغائر وتجاوز الجروح والالام ومخلفات الماضي، وان الإساءة أحيانا يمكن أن تقابل بالصفح وبشجاعة تامة، ولم تكن مبادرة إعادة إعمار العراق التي اطلقها سموه هي الوحيدة، تبلورت جهوده في أحداث كثيرة لا يمكن حصرها.
ففي الوقت الذي تتأزم العلاقات العربية، تبدأ الكويت نشر واطلاق حمام السلام، وتدعو دوما للتقارب وحل المشكلات وتجاوز الخلافات والجلوس على طاولة المفاوضات، وكان لسموه دور كبير منذ ان كان وزيرا للخارجية ، وهذا ينم عن حكمة وقيادة سياسية وبعد نظر للقادة العظماء واستشراف للمستقبل.
ورغم مما يقال هنا وهناك بان العراق ليس بلدا فقيرا، نجحت الكويت كعادتها ، بشبابها المخلصين من كل الجهات المنظمة، في تنظيم المؤتمر على افضل مستوى، ما عكس صورة الكويت الحضارية بين ضيوفها . واستطاعت تنظيم ثلاث مؤتمرات في ان واحد، مؤتمر إعادة اعمار العراق، والاجتماع الوزاري لدول التحالف ضد «داعش»، ومؤتمر استثمر في العراق. هذه هي الكويت، وهذا هو صباح الاحمد صانع المستقبل والسلام في المنطقة. يا له من موقف انساني رفيع وبالغ الدلالة من قائد ودولة وشعب عظيم.
فهذا الحشد الكبير من دول العالم والمنظمات ورجال الاعلام والصحافة التي شاركت في المؤتمر لهو دليل على المكانة التي حظيت بها الكويت ، كما يجسد الرسالة السامية التي تبناها سمو الأمير في بداية حكمه وهو التخفيف من معاناة الشعوب المتضررة والمحتاجة لاي مساعدة كانت ، إنسانية او اقتصادية او اغاثة. وليكون هذا المؤتمر بداية لشراكة حقيقية بين الكويت والعراق من جهة، وبين العراق ودول المنطقة والعالم من جهة اخرى.
لقد عرف عن الكويت المواقف الإنسانية والتسامح، وعطاؤها يفوق كتابة مقال او قصيدة شعر منذ استقلالها، فكل المؤتمرات السابقة التي أُقيمت على ارض الكويت عززت مكانتها كدولة ساعية دوما من اجل السلام والاستقرار .
مؤتمر اعمار العراق، رسالة سامية من ارض الوفاء والعطاء ، ومن شعب لشقيقه العربي، وان الوقوف بجانب دولة عربية في كل الظروف حتى أصعبها هو من سمات الكبار، وان نهج السلام والتسامح يحتاج إلى قدر من التضحيات لمواجهة العقبات والتحديات، مثمين جهود الاشقاء في السراء والضراء، وهذه هي الكويت الكبيرة دائماً في أعين الجميع.
واليوم، والكويت تحتفل بالعيد الوطني السابع والخمسين والذكرى السابعة والعشرين للتحرير، نرفع اسمى ايات التهاني والتبريكات للكويت اميرا وحكومة وشعبا بهاتين المناسبتين السعيدتين وهي تخطو خطوات للامام في النماء والازدهار.

batamira@hotmil.com
كاتب وصحافي عماني