أحسنت يا معالي وزير الدفاع بقايا خيال

20-02-2018

يوسف عبدالكريم الزنكوي

ما إن توفي اثنان من أبنائنا من منتسبي وزارة الدفاع من الطلبة الضباط، بكلية علي الصباح العسكرية وكلية أحمد الجابر الجوية، حتى أصدر معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد توجيهاته بتشكيل لجان تحقيق في واقعتي الوفاة، وأمر – من باب الصراحة والشفافية – بالإعلان عن نتائج هذه التحقيقات فور صدورها.
كما أصدرت رئاسة الأركان بيانا صحافيا أوضحت فيه أنه تم تشكيل لجنة محايدة من قبل وزارة الصحة لإعادة فحص كل الطلبة الملتحقين في الكليتين، وكذلك تقييم مستوى الخدمات المقدمة فيهما من الناحية الطبية والغذائية والتدريبية وتأثيرها على الطلبة.
مثل هذه القرارات العسكرية وخصوصاً ما يتعلق منها بإعادة فحص كل الطلبة يؤكد أن هناك شبهة واسطات قاتلة يريد معالي الوزير أن يتأكد منها والوقوف على صحتها.
إلا أنه يجب التأكيد هنا، ومذكرا أنه وفي ظل تغييب القانون صارت الغالبية تعشق الواسطة، فتأصلت في سلوكيات البعض منا عشق الواسطة وحب الصعود على رقاب الآخرين، حتى لو كانت رقبة أخ أو قريب لمجرد تحقيق مصالح شخصية.
ومن يعرف الكم الهائل من الواسطات التي انهالت على كبار المسؤولين في وزارة الدفاع ومديري هاتين الكليتين العسكريتين من أجل قبول أبناء النواب والوزراء وأقربائهم ومعارفهم وناخبيهم وأبناء مناطقهم، سوف لن يستغرب من قرار إعادة الفحوصات الطبية لكل الطلبة الملتحقين بكليتي علي الصباح وأحمد الجابر، لأن من نتائج هذه الإعادة لفحوصات القبول سوف يتم التعرف، ليس على الأسباب التي أدت إلى حالتي الوفاة اللتين وقعتا في كليتين عسكريتين مختلفتين فقط، إنما قد يتم التعرف على أن عدداً غير قليل من الطلبة المقبولين نزلوا على العسكرية ببراشوت الواسطة، ولا يستحقون القبول وقد لا يقدرون على تكملة المشوار.
كلنا يعرف أنه في أي كلية عسكرية في أي دولة من دول العالم، سواء كانت هذه الدولة متقدمة أو نامية أو متأخرة – والكليات العسكرية في دولة الكويت ليست استثناء هناك شروط التحاق قاسية. ومن بين هذه الشروط القاسية أو الصارمة أن يكون لائقاً صحياً للخدمة الميدانية، وفقاً للشروط الصحية التي يصدر بها أمر من رئيس الأركان العامة للجيش.
وعندما نضع خطا أحمر تحت جملة “لائق صحيا للخدمة الميدانية” ذلك لأن الطلبة المستجدين سيجتازون أشهراً طويلة من التدريبات الرياضية القاسية يوميا حتى لحظة تخرجهم من الكلية بعد أربع سنوات. ولهذا فإن أي طالب يعاني من أي مرض (مثل أمراض القلب والسكر والضغط والروماتيزم وغيرها) يستبعد أوتوماتيكيا.
كما أن أوزان وأطوال الطلبة الملتحقين الجدد لها أهمية في تحمل أعباء التدريبات العسكرية المجهدة.
ورغم أن قائمة شروط الالتحاق طويلة تزيد على ثلاثين شرطا يجب أن يستوفيها كل متقدم للإلتحاق بهاتين الكليتين، إلا أن أغلبها تعتبر «واجهة فترينة»، أو كما يطلق عليها باللغة الإنكليزية “Window Dressing”، ليتم الاختيار من بين مئات الأسماء التي تقدم بها المتنفذون من نواب ووزراء وغيرهم. فقد أسر إليًّ أحد العسكريين ان غالبية المتقدمين للالتحاق بسلك العسكرية يتم رفضهم بعد إجراء الفحوصات الطبية لهم وظهور نتائجها، ذلك إما لأنهم يعانون من أمراض قد تتفاقم أثناء التدريبات العسكرية، كأمراض القلب والسكر والضغط، وإما لأنهم يعانون من السمنة المفرطة والوزن الزائد، وإما لأنهم يعانون من عيوب خلقية في أطرافهم أو في أجسادهم ككل. ولهذا يتم تسريحهم من البداية طالما كانوا على البر.
ولهذا السبب أيضا، يزيد عدد المنسحبين من الطلبة العسكريين من أصحاب الواسطات، بعد أول أسبوعين من بدء التدريبات الفعلية. أما من كابر وأجبر نفسه على مواصلة الطريق من أصحاب الواسطات، فهو مقبل لا محالة على عملية انتحارية مميتة لا محالة. ومثل هؤلاء الفاشلين في مواصلة العمل العسكري لا أراحوا أنفسهم من عبء العسكرية ولا أراحوا المستحقين لنيل شرف العمل العسكري، فأغلقوا الباب أمام من كان يستحق الالتحاق بالعسكرية من دون وجه حق. إذ أن هناك مواطنين كانوا يأملون أن يتشرف أحد أقربائهم أو أحد معارفهم بخدمة الوطن في السلك العسكري لأنه كان مستوفيا كل شروط الالتحاق، إلا أنه رفض لنيل هذا الشرف من دون إبداء الأسباب، بينما التحق بهاتين الكليتين البعض ممن لا يستحقون أو ممن لم يستوفوا بعض الاشتراطات الضرورية.
ولهذا أتوقع أن تكون من نتائج إعادة الفحوصات الطبية لكل الطلبة العسكريين نقلة نوعية في مسار هاتين الكليتين لسنوات طويلة مقبلة إن لم تكن إلى الأبد.

إعلامي كويتي