خوفي أن تخسر الدولة هؤلاء الشباب! قراءة بين السطور

20-02-2018

سعود السمكة

منذ فترة يلاحظ المراقب بكل وضوح ان هناك ثقافة جديدة بدأت تعمل على خرق مبدأ العدالة الاجتماعية وتجسد روحا اقصائية بغيضة بين ابناء المجتمع، هذه الثقافة بدأت تظهر حين التحمت القوى الدينية والقبلية ومعها القوى الشعبوية وسايرتها للاسف الحكومات المتعاقبة في تلك الثقافة حيث اصبحت المناصب والمراكز القيادية لا يصل لها الا من ينتمي لتلك القوى من احزاب دينية وقواطع قبلية وطائفية اما المواطن العادي الذي يدين بالولاء للدولة وللنظام هذه الدولة التي قامت على قواعد الوحدة الوطنية واعمدة المساواة والعدالة الاجتماعية والذي ينتمي للاغلبية الصامتة التي وقفت بكل حزم وعزم وصلابة ضد موجة الشغب التي هبت في نوفمبر 2011 تستهدف النظام والدولة معا تأسيا مع ما كان يسمى الربيع العربي وحال دونها ودون تنفيذ ذلك المشروع اللعين الانقلابي اصبح ليس له نصيب بل على العكس اصبحت الحظوة لرموز الشر التي ارادت اسقاط الحكم والدولة معا عام 2011 وغدا كأن هذا المواطن الذي وقف مع الدولة ضد الجموع التي ارادت تنفيذ مشروعها الانقلابي ممنوع من الوصول الى هذه المناصب!
نعم في السنوات الاخيرة قامت ثقافة منزوعة من قيمتها الخدمية والاخلاقية، وبالتالي غدت سلعة في البازار السياسي، حيث طغت عليه الثقافة الطائفية والقبلية، اما ابناء الكويت واحفاد من قامت على سواعدهم، حاضرتهم وباديتهم سنتهم وشيعتهم، ممن رفضوا الانتماء الى حوائط الغزل الاجتماعي والتحموا بالدولة والنظام واستهجنوا مثل هذه الثقافة اصبحوا اليوم معزولين من قبل الدولة من خلال حكومات الترضيات والتحالفات.
ان الوصول لتبوؤ المناصب القيادية مديرين ووكلاء ووكلاء مساعدين من خلال ما يمكن الفرد من مهارات ومؤهلات وخبرات وابداعات متميزة اصبح امرا ليس صعبا فحسب بل غدا مستحيلا واصبح الامر لابد ان يمر من خلال هذا النائب او ذاك الوزير ومن خلال هذا الطريق بطبيعة الحال لا احد يسأل عن شهادته او خبرته او ما يتمتع به من ابداعات بل يمر مرور الكرام، حيث تنكمش امامه كل القرارات التي تنظم الوصول وتختفي جميع الشروط وتفتح له جميع الاضواء الخضراء لينعم بمسمى ذلك المنصب الذي حرم منه من يفترض انه صاحبه الحقيقي بفعل تميزه بامكاناته الابداعية ومؤهلاته الرفيعة وخبراته المتراكمة.
اذا التميز الذي هو كما يفترض مقياس الاستثناء لدى المجتمعات المتحضرة للوصول للمنصب القيادي اصبح لدينا فعلا ماضيا في الحاضر وبحكم المستحيل وحل محله التميز بالفشل القائم على ثقافة شراء الولاءات السياسية التي قامت وهي مستمرة باستهداف أمن الدولة والاساءة للحكم، وبفضل هذه الثقافة اخذت تتدفق على المناصب القيادية العناصر الفاشلة والفاسدة ومعدومة الخبرة والضمير وغدا جسر هذه العناصر نائبا فاسدا ووزيرا قذفت به المقادير ليصبح وزيرا ومع مرور الوقت تجذرت هذه الثقافة لتصبح قاعدة يقاس عليها الوصول لأي منصب قيادي.
يعني بالعربي الفصيح جيء بقيمة الامانة ومعها تميز الابداع وبلاغة المهارة وشرط الخبرة والتخصص وقيمة العدالة الاجتماعية وكل هذه الفضائل لتوضع على مذبح هذه الثقافة ونادى مناد ان لا تميز ولا امانة ولا خبرة ولا عدالة اجتماعية ولا تخصص ولا مهارة بعد اليوم كون جميع هذه الفضائل ذبحت بسكين حادة اسمها الثقافة التدميرية التي اسمها شراء الولاءات.
هذه ليست فزورة وليست افراطا في التشاؤم ولا من نسج الخيال بل هذا واقع الحال في الغالب الاعم الذي غدا ساكنا في نفوس الغالبية الصامتة التي تدين بالولاء والانتماء للنظام وللدولة والتي وقفت بكل حزم وعزم وبشجاعة متناهية ضد تلك الغوغائية التي كانت تقودها قوى الشر مستهدفة الدولة والنظام.
لذلك اقول بكل حرقة: خوفي ان يخسر البلد هؤلاء الشباب الذين يشكلون الاغلبية اليوم بسبب هذه الثقافة القائمةاليوم على مستوى جميع خدمات الدولة وليس فقط المناصب وان كان التنصيب في هذه المناصب اكثر وضوحا.