إعمار العراق.. أين طهران؟

20-02-2018

لا يخفى على الجميع أن طهران هي اللاعب الأساسي والأقوى في العراق ويعتبر البعض التواجد الإيراني الطاغي احتلالاً لبلاد الرافدين وهذا واقع قد لا يختلف عليه عاقلان، حيث أن تعيين رئيس وزراء العراق وأعضاء الحكومة لابد أن يكون بمباركة إيرانية.

ليس هذا حديثنا بحكم أنه واقع يفرض نفسه، ولكن عندما عقد في الكويت «مؤتمر إعادة إعمار العراق»، كان المتوقع أن يكون نظام طهران هو الداعم الأكبر مالياً للعراق لأنه يدعي دائماً مساعدة بغداد وهو الذي يسيطر عليه سياسياً، ولذلك أمامه مسؤولية أخلاقية تجاه العراق والعراقيين تلزمه بتقديم المقابل المادي نظير هذا النفوذ السافر.

حضر المؤتمر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ولكنه امتنع عن إعلان أي التزام بمساعدة العراق، وهو ما يتناقض مع التصريحات التي يطلقها نظام طهران بشأن مساعدة العراق، في كل يوم كوصي على هذا الشعب المغلوب على أمره!؟

على عكس الموقف الإيراني المخجل، تسابقت الدول الخليجية إلى مساعدة العراق الشقيق لإنشاء دولة قوية مستقرة وآمنة، فالسعودية أعلنت عن تخصيص الـ 1.5 مليار ونصف المليار دولار لمشروعات إعادة إعمار العراق، والكويت ستقدم ملياري دولار، والإمارات ستدعم العراق بـ500 مليون دولار وتستثمر 5.5 مليارات دولار.

نحن في دول الخليج العربي نريد عراقاً مستقراً أمناً يعود إلى حضنه العربي، بينما إيران تريده مدمراً طائفياً لأن وجودها مرتبط بالخراب والدمار فهي كالجرثومة لا تتواجد في دولة إلا تحولها من دولة تتحول إلى ساحة قتال واقتتال وفتنة والدليل ما تشهده سورية ولبنان واليمن فهي أمثلة حية للتدخل الإيراني.

التعهدات المالية بمؤتمر إعادة إعمار العراق بلغت 30 مليار دولار وهذه المليارات يجب أن تتم مراقبتها جيداً ولا تتحول لتكون دعماً غير مباشر للنظام الإيراني من خلال الشركات الإيرانية التي تعمل في العراق وكلها تابعة للحرس الثوري كأذرع اقتصادية، وكذلك يجب على الدول المانحة وضع آلية واضحة وعملية لمراقبة صرف هذه الأموال التي قد تصل إلى ميليشيات إرهابية تابعة لإيران.

بكل محبة لأهلنا في العراق، نتائج هذا المؤتمر يجب أن تجعلهم يفيقوا من سباتهم العميق ويعرفوا أن عمقهم الخليجي العربي هو الباقي والدائم لهم، وأن السعودية حريصة على إقامة دولة عراقية ذات سيادة لا يتحكم بها الإرهابي قاسم سليماني ولا تتواجد بها ميليشيات طائفية كالحشد الشعبي وغيرها، كما ينبغي أن لا ننسى الفساد المالي والسرقات التي تمت في الماضي حيث سرقت مقدرات الشعب العراقي بعضها في صفقات وهمية.

همسة: نعم نشتاق للعراق، وكم سمعنا من الآباء والأجداد عن شارع المتنبي والرشيد والسعدون وسط بغداد، وكم قرأنا عن بابل واكد واشور والزقورة وملوية سامراء وآثار نينوى أم الربيعين، وكم نتمنى أن يعود العراق مستقلاً ومستقراً، حتى نتمكن من زيارته.. عاش العراق حراً عربياً أبياً إلى الأبد.

‏‬