The Post

19-02-2018

لست متأكداً كم من الصحفيين شاهدوا فيلم «The Post ذا بوست»، الذي يعرض حالياً في دور السينما، ولكن ما أنا متيقن منه أنه مرجع مهم، يفترض على العاملين في الحقل الصحفي - بمختلف الأدوار- العودة إليه، من أجل الظفر بشحنة من النشوات الصحفية، القادرة على إعادة بث الحياة الصحفية في دواخلهم.

على المستوى الشخصي، شاهدت عدداً من الأفلام التي تعالج القضايا الصحفية، وكانت جيدة، لكن لا أظن أن هناك عملاً شدني كما فعل هذا الفيلم، الذي يضعك في مفترق طرق القرار، أن تكون صحفيًا.. أو لا تكون.

باختصار، «الفيلم مبني على وقائع حقيقية، جرت في أوائل السبعينات من القرن الماضي، حول تسريب صحيفة (واشنطن بوست)، في عهد الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيسكون، لوثائق سرية تابعة لوزارة الدفاع الأميركية، حول حرب فيتنام، وهي الوثائق التي نشرتها صحيفة (نيويورك تايمز) وكانت سبباً في تقييدها قضائياً بواسطة نيكسون. حيث تدور أحداث الفيلم حول معركة الصحف الأميركية في عام 1971 لنشر هذه الوثائق المسربة، والمعروفة باسم أوراق البنتاغون».

أظن أن الفيلم أنتج في الوقت المثالي له، نظراً لبعض الاعتبارات، من وجهة نظري الخاصة..

أولاً: التزامن مع المعركة الكبيرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والإعلام الأميركي، وأعتقد أنها المناورة الأشهر مع رئيس، لوجود مؤثرات ووسائل - شبه متكافئة -، وأقصد هنا «تويتر» تحديداً، والتي لم تكن مواتية لرؤساء سابقين.

ثانياً: مزاعم تراجع تأثير الصحافة، في ظل الصراعات التقنية، وتقديم الشبكات الاجتماعية كمنصة بديلة للأخبار، لكنها لم تفعل بعد، نظرًا لضعف المحتوى، واعتمادها تقريباً على المواد الصحفية التقليدية.

أفهم أن ما يحدث لدينا مختلفاً عن الغرب، لكن ليس كلياً، فلكل مجتمع مساحاته وظروفه، وللصحافة طرائقها وأولوياتها، إلا أنه - في الوقت نفسه - لم تستثمر الصحافة لدينا ظرفين مهمين، ويمكن القول: إن الفرصة ما زالت متوفرة، من أجل الحضور بتأثير أكبر. وهما: «رؤية المملكة 2030»، وحملة مكافحة الفساد الكبيرة.

الكثير من الملفات التي تحتاج النشر، والأسئلة المختلفة، في هاتين القضيتين. مع إيماني أن السلطة داعمة لذلك، لكن التراخي يأتي من المؤسسات الصحفية غالبًا، ذات الحسابات المعقدة، والعمل (شبه) البيروقراطي.

اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الفيلم الأميركي «The Post»، هو (قصة حب)، وتحية مشجعة لاستقلال الصحافة، والمساواة بين الجنسين. وبحسب التقارير المنشورة، ترى صحيفة الـ»واشنطن بوست» أن فيلم «ذا بوست» أفضل فيلم يتناول معركة الصحافة ضد السلطة، منذ فيلم «All the President›s Men» من إنتاج 1976، ويتفوق على فيلم «Spotlight»، الذي عرض في عام 2016.

السؤال: متى تستوعب الصحافة لدينا التحديات المقبلة؟ استيعاباً حقيقياً، لا تنظيراً وحلولاً وقتية. والسلام.