قوة التكنولوجيا المخفية

20-02-2018
كارل جونز*

تسيطر على عالم التكنولوجيا اليوم عدد من كبرى العلامات التجارية حول العالم، فشركات مثل «أبل» و«أمازون» و«جوجل» و«فيسبوك» و«نتفلكس» و«سامسونج» وغيرها، تتصدر مشهد التكنولوجيا، بل حتى الإعلام الذي أصبحت تقارع فيه كبار القطاع الذين تسيدوه عقوداً طويلة، حتى أضحت تلك العلامات منتشرة تقريباً في كل منزل. وقد اكتسبت تلك العلامات شهرتها ومكانتها العالمية اليوم بفضل منتجاتها الناجحة والعمل المضني وقدرتها على تحقيق نتائج مالية قوية جداً وضعتها في أعلى هرم مجتمع الاستثمارات أيضاً.
وعلى الرغم من القوة والشهرة الكبيرة التي تتمتع بها تلك المجموعة، فإنها بالطبع ليست الفئة الوحيدة التي تصنع العمل الأهم في هذا القطاع، فمن السهل جداً نسيان شركات التكنولوجيا الأقل حجماً التي تساهم بشكل فاعل في صناعة وابتكار وانتشار تلك المنتجات التي أصبحت جزءا أساًسياً من حياتنا. حيث إن هنالك العشرات من الشركات الأقل شهرة التي تقوم بصنع أشباه الموصلات التي تعتبر الحلقة الأهم في عالم الأجهزة والتقنيات المتصلة ببعضها بعضاً، علاوة على أنها الجزء الأهم في مكونات البنى التحتية الرقمية التي تتضمن الخوادم والخدمات السحابية. وهناك الكثير من الشركات التي تقوم بصناعة مثل هذا النوع من الموصلات، مثل ARM و«إماجينيشن تكنولوجيز» وغيرهما، وهي الشركات التي تلعب بجانب أخرى دوراً محورياً يتم تجاهله في الأغلب، في الكثير من الصناعات التقنية الحديثة التي تتضمن كل شيء تقريباً في هذا القطاع مثل إنترنت الأشياء، وتقنيات الواقع المعزز، والذكاء الاصطناعي.
ومن المراحل الأخرى التي يتم في الأغلب تجاهلها في عملية صناعة التكنولوجيا الحديثة مرحلة الاختبارات والقياس، فشركات مثل «ناشونال انسترومنتس» تقوم بصناعة المكونات الإلكترونية الرئيسية والمنتجات النهائية لكل أنواع التقنيات مثل موجات الـ 5G، ومكونات السيارات الذكية، ومكونات إنترنت الأشياء. وتبرز في صناعة أشباه الموصلات أسماء كبرى مثل «كوالكم»، و«نيفيديا»، وشركات أخرى أقل شهرة تقوم بصناعة وابتكار أجزاء مهمة جداً في الأجهزة الحديثة التي نستخدمها بشكل يومي، وهي الشركات التي تتوزع في كل من الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وتتخذ من مصانع في كل من الهند وفيتنام وغيرها مقار للإنتاج.
ويمكن القول إن شركات التقنية الكبرى حول العالم استطاعت أن تطغى بشهرتها على جميع صناع مكونات أجهزتها، بل إنها تخطت ذلك بأن تمكنت من طمس الدور الكبير الذي يقوم به هذا القطاع الخفي والاستئثار بالشهرة التي ارتبطت بعلاماتها التجارية التي غزت العالم طولاً وعرضاً. فحتى الأسماء الكبرى في عالم صناعة أشباه الموصلات خرجت من الحدود التي عرفت بها إلى صناعات أكثر تطوراً لم تكن شركات التكنولوجيا الكبرى لتصل إلى ما هي عليه الآن لولا الجهود الكبيرة والدور المتعاظم الذي يلعبه هؤلاء المخفيون.

*تك سبوت