في الغلاء وضبط الأسعار

20-02-2018
ابن الديرة

الأكيد أن ضريبة القيمة المضافة جاءت بعد دراسات علمية مستفيضة، ضمن قرار على مستوى مجلس التعاون، وذلك ضمن اتخاذ الخطوات الضرورية نحو اقتصاد معرفة ينطلق من الوعي ويؤدي إليه. الأكيد، في المقابل، أن تطبيق الضريبة استغل من قبل البعض بأسلوب يناقض الهدف، باعتباره ذريعة لرفع الأسعار، ما نتج عنه غلاء غير مبرر لم يجد ما يناسبه من رد فعل لدى الجهات الرسمية المعنية، وعلى رأسها إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، وهي الإدارة التي، للأسف، لم يعد لها من اسمها نصيب. وحدها «اقتصادية أبوظبي» قامت بدور مقنع إلى حد ما، وذلك، عبر توقيع عقوبات ضد بعض المنشآت المخالفة، وآخرها دار سينما اتخذ قرار إغلاق لمدة شهر بحقها، على خلفية رفع أسعار غير مبرر.
بين هذا وذاك، يتضح أن السيطرة على الأسواق، يستدعي أولاً الإمكانات البشرية والمادية، فلا تفتيش من دون وجود أذرعة قوية وماهرة على الأرض. هذه هي الحقيقة التي تملأ المنطقة الرمادية الملتبسة، لجهة عنوان الغلاء، بين الجهة الاتحادية والسلطات المحلية.
ومنذ تطبيق ضريبة القيمة المضافة مع إطلالة العام وجشع بعض التجار، بعضهم الكثير للأسف، يستيقظ كل صباح مع صياح الديك، ضارباً عرض الحائط بكل القوانين والأنظمة، فليس إلا رفع الأسعار لدرجة جنونية في بعض الأحيان، ولم لا ما دامت الحجة «المفبركة» جاهزة بالتوازي والتزامن مع غفلة الجهة المعنية التي تتكلم أكثر مما تعمل؟
المفارقة الصارخة أن الجهة المقصودة توكل إلى المستهلك نفسه مسؤولية الرقابة بشكل أساسي، ثم تعتمد عليه في مسألة الإبلاغ عن أي مخالفة أو خلل، ومعلوم أن في ذلك مصادرة للموضوع، حيث المفترض أن دور المستهلك مكمل لدور الجهة الحكومية، وحيث من المفترض قيام الجهة الحكومية بدورها على الوجه الأكمل ضمن عنوان الغلاء الذي هو على تماس مباشر مع حياة ومعيشة كل مواطن ومقيم.
ولن تستطيع إدارة صغيرة نسبياً أن تواجه وحش الغلاء، خصوصاً حين تعتقد أنها دائماً على حق، ذاهبة في كل مرة إلى إقصاء دور الصحافة والإعلام عبر الاستهانة به وعدم اعتباره أصلاً، فيما كان المأمول وما زال أن توكل مسألة ضبط الأسعار ومتابعة ومكافحة الغلاء، في مجتمع حي ومتغير بامتياز كمجتمع الإمارات، إلى قطاع متكامل في وزارة الاقتصاد، حتى لو استدعى ذلك مراجعة الهيكل التنظيمي للوزارة الناجحة بكل المقاييس، فيما الفشل المستمر لإدارة حماية المستهلك التابعة لها يؤكد، كل يوم، وفي كل موسم أو مناسبة، يحيل إلى بقعة سوداء في المشهد الجميل.
ضبط الأسعار مهمة تندرج في الأولويات، وهذه المهمة الضرورية ليست مزحة، ومسارها لا يمكن أن يكون نزهة. العمل الجاد، بعد هذه التجربة غير المبشرة، مطلوب بإلحاح شديد.

ebnaldeera@gmail.com