«قررتُ الاعتزال»..

20-02-2018
مارلين سلوم

كم هو صعب أن يخرج أي فنان عرف المجد والشهرة ولمع اسمه وتسلطت عليه الأضواء لسنوات، ليعلن انسحابه من الوسط الفني! وكأنه قرر أن يسلخ موهبته عن ذاته، فالفن ليس مهنة، بل عطاء من الروح، من القلب، تتفاعل معه كل خلية في بدن الممثل. إذاً لماذا يعتزل وهو في عز نضجه وعطائه وشهرته؟ لماذا ينسحب بشكل درامي محزن، وهو يملك الكثير بعد ليقدمه للناس ولدراما بلده؟ هذه الكلمة الصعبة نطقتها الفنانة الإماراتية سميرة أحمد، وهي تعنيها بكل حرقة ولوعة. كلمة صدمت الجمهور، وفتحت أمامنا المجال مرة أخرى لنسأل: من المسؤول عن إهمال هذه الصناعة المهمة في الإمارات؟ لماذا يتراجع الإنتاج المحلي إلى حدود العدم، بينما الإمارات تسير سريعاً نحو التطور في مختلف المجالات وتسعى لتكون من الدول المنتجة وليس فقط المستهلكة؟. لذا نسأل اليوم وبإصرار، كيف يمكن للشاشات أن تتحول إلى مستهلكة درامياً، ويصبح الفنان الإماراتي عاطلاً عن العمل أو باحثاً عن فرص خارج حدود بلده؟ هجرة الدراما غير مقبولة في بلد يملك كل مقومات النجاح، وكل القدرة على البحث عن أفضل المواهب والمبتكرين في كافة المجالات، والفن يحتاج أيضاً إلى مبدعين يتم دعمهم وفتح مجال التنافس واسعاً لإخراج أفضل ما لديهم في التأليف والإخراج والتصوير والتمثيل.
ونسأل أيضاً ومجدداً، لماذا تعتزل سميرة أحمد، ولا يتم استغلال خبرتها لتعليم أجيال جديدة أصول التمثيل؟ لماذا لا تكتمل فكرة التصنيع المحلي، والتي تعود بالخير والربح على الإمارات سياحياً وفنياً واقتصادياً؟ أحياناً يسهو على البعض الربط بين الفن والصناعة والإنتاج والاقتصاد والسياحة، الفن واجهة مهمة للبلد الذي يمثله، يقدم صورة عنه للخارج. فكما شهدت بعض الدول التي غزت دراماها شاشاتنا هجمة سياحية شرسة من قبل العرب، فانتعشت الحركة فيها خصوصاً في الإجازات وفي الصيف، يمكن التفكير جدياً في استثمار الفن على الأقل للمساهمة في تقديم صورة راقية عن الإمارات.
أربعون عاماً أمضتها الفنانة مع زملائها في بناء ركائز الدراما الإماراتية، لا يجب أن يكون ختامها مراً. قرار الاعتزال ليس اختيارياً هنا، لأن تراجع الإنتاج فرض هذا الركود والإحساس بالإحباط في نفوس أهل الفن. قبلها أعلنت هيفاء حسين الاعتزال ثم عادت سريعاً عن قرارها، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فستكون الدراما كلها في عزلة عن الشاشة، وبعيدة عن المنافسة في المواسم المهمة، خصوصاً في رمضان. لماذا ومن وكيف..؟ التساؤلات كثيرة، ننتظر أن يأتي الرد سريعاً عليها بحركة جدية تنقذ الدراما الإماراتية وتصلح من أحوالها بدلاً من تجاهلها.

marlynsalloum@gmail.com