الشرق الأوسط.. سلام لا توتر

20-02-2018
سلطان حميد الجسمي

تشهد منطقة الشرق الأوسط اليوم تحولات سياسية سريعة، وتغيراً في التوازنات، ما يطرح تساؤلات كبرى من أهمها: لماذا الشرق الأوسط يشهد هذا التوتر؟ هل بسبب النفط كما كان في حال العراق عند الاحتلال الأمريكي؟ أم بسبب فرض الهيمنة والسيطرة من بعض القوى الإقليمية والدولية؟ أم بسبب مخططات لتخريب أنظمة دول الشرق الأوسط، ومشروع ما يسمى «الربيع العربي» لإسقاط الأنظمة وإحداث الفوضى، أو ما يسمى ب«الفوضى الخلاقة»؟ أم بسبب عدوانية «إسرائيل»؟
ففي مارس عام 2005 تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، في مقابلة أجرتها معها جريدة واشنطن بوست الأمريكية، عن نشر «الفوضى الخلاقة» في منطقة الشرق الأوسط لتشكيل ما يُعرف ب«الشرق الأوسط الجديد»، ونشر الديمقراطية في العالم العربي على حد تصريحها.
لا شك أن الأسباب كثيرة، فمنطقة الشرق الأوسط من أهم المناطق الحيوية والاستراتيجية في العالم، وهي حلقة وصل بين دول وقارات العالم، وتحظى بأهمية اقتصادية كبيرة، ويرجع ذلك لعوامل كثيرة أهمها النفط والغاز الطبيعي، ولذلك فإن لها تأثيرها الكبير في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، وقوى الشر هي المستفيد الأول من التوتر في الشرق الأوسط، وهي تتبنّى وتدعم كل مشروع مقاولة لتخريب وتدمير حكومات الشرق الأوسط، ولعل السيطرة والتوسع والسعي خلف المال، هي الأسباب الأكثر طرحاً على طاولة تقطيع الكعك في الشرق الأوسط.
الصراع العربي «الإسرائيلي»، هو أحد أبرز بؤر التوتر في الشرق الأوسط، والمستجدات اليوم تزيد من هذا التوتر، ففي فلسطين المحتلة وبعد القرار غير الشرعي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية والاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، تجدد التوتر في المنطقة من جديد، وخلق فرصة جديدة للتطرف والتشدد، والتوسع في عمليات الاستيطان «الإسرائيلي» للقدس ومحاولة الاستمرار في التهويد، وأدى ذلك إلى ردود عنيفة من جانب العرب والفلسطينيين والعالم، رفضاً للقرار، ولكن للأسف فإن المحتل «الإسرائيلي»، يمارس أبشع صور الاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني في محاولة منه للاستسلام، ولكن الشعب الفلسطيني مستمر في عمليات الاحتجاجات والمظاهرات السلمية، التي انطلقت في جميع المحافظات الفلسطينية في كل جمعة، احتجاجاً على القرار الأمريكي.
وتقوم قوات الجيش «الإسرائيلي» للأسف بقمع هذه الاحتجاجات السلمية بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي، وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المتظاهرين، مما يؤدي إلى وقوع ضحايا ومصابين، دون مراعاة الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني الأعزل.
الأزمة السورية هي إحدى الأزمات الإنسانية الكبيرة في الشرق الأوسط، فاليوم وللأسف أصبح السوري مثالاً للمعاناة في أعين العالم، فاللاجئ السوري تطارده الهموم والظروف القاسية خارج وطنه، ودول الاتحاد الأوروبي ضيّقت كثيراً على اللاجئين، وتمارس أساليب الضغوط النفسية لحملهم على الرجوع لبلادهم أو التشتت في بقاع الأرض.
وأما السوري داخل وطنه، فإن الموت يلاحقه سواء من طائرات النظام السوري أو معارضيه أو حلفائه، أو من المنظمات الإرهابية ك«داعش» وجبهة النصرة.
إيران تسعى لتصدير ثورتها إلى دول الجوار كاليمن والعراق ولبنان، وترعى الميليشيات الموالية لها في هذه البلدان، في محاولة منها للهيمنة ومد نفوذها الإقليمي، والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
على المجتمع الدولي العمل بجدية لوقف التوتر في الشرق الأوسط، ووقف أي مشروع لتقسيم دوله، وإزاحة مشروع السيطرة على الشرق الأوسط من على طاولة قوى الشر، ووقف أي دعم أو توظيف للمنظمات الإرهابية من أي جهة كانت ولأي هدف كان، فإن أخطبوط الإرهاب إذا توسع في أي بلد، فإن أذرعه ستمتد لتضر بالدول الأخرى. ولعل بوادر ذلك بدأت منذ السنوات القليلة الماضية وراح وللأسف ضحايا أبرياء في فرنسا وأمريكا وبلجيكا وإيطاليا.
إن أمن واستقرار الشرق الأوسط مكسب كبير للجميع، وهي الرؤية التي يجب أن تسود استراتيجيات وسياسات الدول التي لها علاقة بهذه المنطقة الحيوية المهمة، فالسلام جنة يجد فيها الجميع الحياة الكريمة والتنمية الاقتصادية المستدامة، والفوضى جحيم لن ينجو أحد من نيرانه.

sultan.aljasmi@hotmail.com