النصيحة الفضية للمدراء الجدد

19-02-2018

كتبت في مقال سابق عن النصيحة البرونزية للمدراء الجدد، وفي هذا المقال سأشاركك عزيزي القارئ النصيحة الفضية، وهي نصائح في رأيي الشخصي كان لها دور إيجابي لمن مارسها وجربها، خاصة أن منبعها كانوا أشخاصا تمرسوا في الإدارة وحققوا نجاحات في مجالهم المهني.

بالنسبة للنصيحة الفضية، فمصدرها هو مديري في ذلك الوقت والذي كان ينتمي لأحد الجنسيات الغربية، دار بيني وبينه حوار شيق وثري، قبيل إحالته للتقاعد بعد أن أكمل الستين عاما، وكنت قد عملت تحت إدارته لمدة تجاوزت السنتين، وللتو أصبحت مديرا جديدا على مجموعة صغيرة من الموظفين، فسألته أن يسدي إلي نصيحة قبل أن يغادرنا.

قال لي بني بما أنك للتو بدأت مسارك الإداري، والذي هو ليس بالسهل أبدا، يجب أن تدرك أن وقتك الخاص بك أصبح هناك من يشاركك فيه. الوقت أثمن ما تملك، لكن لهم الحق الكامل لاقتطاع ما يستحقون من هذا الوقت بحكم مسؤولياتك الجديدة مما يساعد الجميع لتحقيق متطلبات العمل. أنت ملزم لتقديم النصائح والمشورة والمتابعة وحل المشاكل العملية والشخصية، لأنك ستكون حلقة وصل بينهم وبين الإدارة التي لها متطلباتها وأهدافها الأكثر عمقا وذات أبعاد استراتيجية. نصيحتي لك هي أن تكون «كالماء».

لم استوعب ما قاله وقبل أن أسأله بادرني بسؤال هل الماء تنتهي صلاحيته؟ قلت حسب علمي المتواضع، كلا. قال إذن كن كالماء لا تنتهي صلاحيتك. ذلك يتم بأن لا تكف عن التعلم المستمر. لا تشغلك مهامك الجديدة وتحد من انطلاقتك في النمو الشخصي والتقني، ومن ثم النمو الوظيفي الإيجابي المستند على أساس قوي من المعرفة. صلاحيتك لا تنتهي أبدا ما دمت تكتسب مهارات جديدة وتكون ذا معرفة متجددة.

بني، المنافسة في المسار الإداري شرسة وتنقص الفرص مع مرور الوقت، فهي تتطلب الكثير من الجهد والمثابرة والوقت، المستقبل ليس ثابتا ومضمونا دائما. لذلك حاول ألا تنسى نفسك بدعم قدراتك الإدارية والتقنية الشخصية. أما سمعت القول المأثور الذي يقول «المعرفة قوة». «كن كالماء لا تنتهي صلاحيتك» كررها كثيرا. تعرف على أناس جدد، ووسع شبكتك المهنية وعلاقاتك الشخصية، عندما تصل إلى طريق مسدود ستكون لديك الأدوات لتغيير استراتيجياتك، وستجد الأمور أكثر سلاسة لو اضطررت لتغيير موقعك مثلا. ستتحلى بالشجاعة لأخذ القرار وتستطيع التكيف مع المتغيرات الشخصية والمهنية المتوقع حدوثها. كن كالماء عند جريانه، لا يقف في طريقه شيء. كان حديثا شيقا ممتعا ناتجا عن خبرات بلغت أربعة عقود من الزمن.

من جهة أخرى، ما نصحني به يذكرني الآن بالمقولة المشهرة التي قالها هنري فورد «أي شخص يتوقف عن التعلم هو عجوز، سواء كان في العشرين أو الثمانين. أي شخص يواصل التعلم يبقى شابا. أعظم شيء في الحياة هو الحفاظ على عقلك شابا».

التعلم المستمر والتجديد الدائم للمعرفة أمران يغفل عنهما الكثير من الإداريين بسبب الاكتفاء أو الانغماس في أمور أخرى. يقول برايان تريسي «التعلم المستمر هو الحد الأدنى للنجاح في الحياة».

أختم باقتباس شهير للرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي يلخص لنا النصيحة الفضية، يقول «القيادة والتعلم لا غنى عن بعضها بعضا».