الطنازة تفاهة وقلة أدب

19-02-2018

د. خالد عايد الجنفاوي

تشير الطنازة إلى تلك الاقوال والتعليقات والنقد المشخصن والاستهزائي بقصد النقص من قدر ضحية الطنازة، وربما يُمكن للمرء التجاوز أحياناً عن بعض الطنازة «الحميدة» والتي تشابه إلى حد ما المزاح اللفظي اللطيف الذي يُهدف من ورائه نشر الابتسامة البريئة على شفاه الاصدقاء والاقارب، لكن كل ما سيتجاوز حده سينقلب حتماً ضده، وهو بالطبع النتيجة المتوقعة للانغماس المريض في الاستخفاف بكرامة الآخرين بزعم إثارة الفكاهة والضحك، وبينما يكشف إدمان البعض الحط من قدر الانسان الآخر على شغف النفر المتنطنز في الاستهانة بآدمية الناس الآخرين لأنهم بشكل أو بآخر فقدوا آدميتهم وشعورهم الفطري بالرحمة وبالشفقة، والاسوأ حول الانغماس المتواصل في التطنز على المختلفين هو تفاهة وقلة أدب من يمارس هذا النوع من السخرية المقيتة ضد أناس معارف أو غرباء، فلا يُمكن في أي حال من الاحوال إلاّ أن يكون ذلك النفر الذي يُدمن الطنازة سوى أشخاص تافهين لا قيمة فعلية لحياتهم الفوضوية والخالية من المعاني الانسانية الحقيقية ولا يُمكن لهم أيضاً إلاّ أن يكون قليلو الأدب وربما سيؤ الخلق ويفتقدون الحس السليم ويرفضون الالتزام بحسن الخلق والاستقامة الاخلاقية التي من المفترض أن يلتزم بها الانسان البالغ والعاقل، فمن يقل أدبه ضد الآخرين بلا سبب سوى لرغبته المشخصنة في الاستهزاء بهم إنسان تافه التفكير وقليل الذوق وهمجي الطبع وفوضوي السلوك.
بالاضافة إلى ما سبق، لا يُمكن أن يحترم الناس العقلاء والاسوياء تلك الكائنات البشرية التي تتنفس الطنازة وتمارسها اينما حلوا، وحيث لا يُمكن للانسان المحترم أن يحترم شخصاً قليل الذوق وهمجي الطبع وسيئ اللسان ويدمن الحط من كرامة المختلفين عنه.
وفي المحصلة الأخيرة، سيشعر من يُدمن الطنازة بتفاهة حياته الخاصة والعامة وسيكتشف تدريجياً أنه سيأتي عليه وقت لن ينجح في إثارة مزيد من الضحك حوله بسبب إدراك الناس الأسوياء أنّهم لا يُمكن لهم أن يستمروا يتغاضوا عن ترهات تطلقها ألسن وقحة وعقول تافهة وسيجد هؤلاء أنفسهم معزولين عن بيئتهم المحيطة حتى يتحولوا مع مرور الوقت إلى مسوخ بشرية يتحاشاها كل إنسان عاقل وسوي.

كاتب كويتي
@aljenfawi1969