محفزات العمل

19-02-2018

إن المملكة تمر بمرحلة تحولات جذرية ومن هذه التحولات ما يمس العمل. ولعله حان الوقت لإعادة النظر في دوافعنا التي تجعلنا نعمل. فبالرغم من الفكرة السائدة والدارجة التي تقول إن ما يحفزنا للعمل هو المال الذي نتلقاه في آخر الشهر إلا أن الدراسات بينت أن الحوافز تتعدى المال بمراحل.

إن الدوافع التي تحفزنا للعمل متعددة ولكنه من المفيد أن نفهم الفرق بين الحوافز الجوهرية (intrinsic) والخارجية (extrinsic). فالراتب مثلًا يعتبر محفّزًا خارجيًا ولكن الجوهري هو المحفز الذي يحول العمل الذي نقوم به إلى مكافأة. لو أخذنا مثالًا في التعليم فإن هناك طلبة يدرسون فقط للعلامات أي أن محفزهم خارجي وهناك طلبة يدرسون حبًا في العلم؛ لأن التعلم بحد ذاته ممتع أي أن التحفيز جوهري.

وكما أن هناك معلمين ينمون فينا حب العلم، فإن هناك بيئات للعمل تحفزنا بشكل أكبر. نظرًا لاهتمام العلماء في ما يزيد من إنتاجية الموظفين كثرت الدراسات في هذا المجال.

إن إحساسنا بأهمية الدور الذي نقوم به مثلًا يعطينا معنى يجعلنا نتعدى الحد الأدنى في العطاء. لذلك كانت هذه المعرفة هي حافز لنا. فرق كبير بين موظف يقوم بمهام محددة لا يتعداها ولا يعرف علاقة عمله بعمل المؤسسة ككل وبين موظف يعرف ذلك مهما صغر حجم مسؤولياته.

رؤية إنجازاتنا من المحفزات كذلك، لذا كان من المهم أن نحتفل بالنجاحات المرحلية وأن نأخذ بعض الوقت لتقدير حجم العمل الذي تم وتقدير من قام به. إن النجاح في الفريق من المحفزات القوية التي تزيد من لحمة الفريق وتزيد كذلك النجاحات وتدعو للارتقاء في وجه التحدي.

وهذا التحدي بالتحديد هو ما يجعلنا نعطي أكثر. حيث إن شعورنا بالفخر عندما ننجز مهمة يزداد في علاقة طردية مع صعوبة تلك المهمة. وهذا ما يجعلنا لا نتردد في الخوض في تجربة عمل قد تكون صعبة عندما نتوقع حجم الفخر الذي سوف نحس به عند إنجازه.

إن ما نقوم به في مسيرتنا المهنية ليس فقط عملًا بل إننا نبني سمعة. فمن خلال إنجازاتنا عبر السنوات فإننا نبني صورة متراكمة بعناية. أعمالنا إن أنجزناها بكفاءة واحترافية كانت إيجابية وبعد مشوار طويل في البناء فإن المحافظة على هذه السمعة المهنية تكون كذلك حافزًا.