المملكة.. «توطين» يحقق الرؤية

19-02-2018

ليس غريبًا أن يكون برنامج «التوطين الموجَّه» الذي أطلقته مؤخرًا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، بالتعاون مع وزارات الداخلية، التجارة والاستثمار، الشؤون البلدية والقروية، إمارات المناطق وكذلك جهات عدة، إشارة مهمة للغاية لترسيخ وزيادة مساهمة الكوادر الوطنية في سوق العمل، وتوطين العديد من الفرص الوظيفية الهائلة في القطاع الخاص، سعيًا لتوفير الفرص اللائقة لأبناء وبنات الوطن عبر توفير حلول نوعية تعزز التوطين المنتج والمستدام، وإنهاء مرحلة التراخي التي سادت في السنوات الماضية.

وإذا كنا جميعًا اتخذنا من «السعودة» سبيلًا وحيدًا لاعتماد مبدأ أن هذا الوطن لا تبنيه إلا سواعد أبنائه، وهم قادرون بجدارة على ذلك، إلا أن الكثير من ممارسات التحايل السابقة من قبل بعض ضعاف النفوس ـ للأسف الشديد ـ وكذلك معظم الأقاويل التي قللت عن عمد من هذه التوجهات، ساهمت في عرقلة الخطوات التنفيذية بالفعالية التي يرجوها الوطن ونرجوها جميعًا، ومع ذلك فإن الإصرار القيادي من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، على أن يكون خير هذا الوطن لأبنائه أولاً، في مقدمة الأولويات التي تسعى الحكومة جاهدة لوضعها قيد التنفيذ، وبجرأة وحسم غير مسبوقين.

من هنا، نفهم التوجه الأخير لوزارة العمل باستهداف 7 أنشطة ضمن برنامج «التوطين الموجه» الذي سيتم تطبيقه في جميع المناطق خلال العام الجاري 2018، وتشمل أسواق الخضار والفواكه والمنتجات الزراعية، ومكاتب تقديم الخدمة والعقار والخدمات العامة، والجمعيات والمؤسسات الخيرية ولجان التنمية، ووكالات ومعارض وصالات السيارات، والمراكز التجارية المغلقة (المولات)، والإيواء السياحي والفندقي، وأخيرًا وكالات السفر والسياحة، وغالبيتها نشاطات خدمية اجتماعية تتعامل مع المواطن مباشرة، وبالتأكيد سيكون ابن الوطن هو الأجدر بفهم معاييرها وأبعادها العامة اجتماعيًا ومعنويًا على الأقل.

الواقع يقول، إن التوجه الأخير لوزارة العمل، يعكس مضمون الرؤية المنهجية والجادة والشاملة، رسختها استراتيجية 2030 المستقبلية، كما أن فهم محاورها العامة ضرورة وطنية اقتضتها ظروف المرحلة قبل أن تكون مجرد حاجة وظيفية تستوعب الآلاف من أبناء وبنات الوطن، وفي نفس الوقت هي إنقاذ عاجل لاقتصاديات التسرب المعروفة، بضمان أن يكون عائد مخرجات سوق العمل للسعوديين أولاً، وهذه ليست عنصرية كما يحاول بعض المغرضين الترويج، ولكنه اعتراف رسمي بقدرة ابن البلد على تحمل مسؤولياته في بناء بلده في كافة محاور هذا البناء وتشعباته.

علينا أن نفهم أنه إذا كنا نؤمن بأن خير الوطن لابن الوطن، فلا حديث إذاً عن دونية وظائف، أو تقليل منه، العمل الشريف لا يحتاج إلا توصيف.