كيف ترفع الأسعار دون إغضاب العملاء؟!

17-02-2018

هذه شركة سعودية متخصصة في تقنية المعلومات ولديها عقود مع جهات حكومية كبرى، ومجموعة لا بأس بها من الشركات الكبرى، ولكنها تواجه مشكلة كبرى: بالكاد تغطي تكاليفها، وفي بعض الأحيان، قد تخرج من بعض المشاريع بخسارة، بالرغم من جودة منتجاتها ورضى العميل عنها! في جلسة مطولة مع المدير التنفيذي، والذي كان يبحث عن طرق إبداعية للوصول لعملاء جدد، كنت في الضفة الأخرى أبحث عن السبب الحقيقي خلف مشكلة هذه الشركة التي يوجد لها مثيلات في السوق بعدد كبير جدا.

بعد دراسة وفحص مكثف لركن التسعير - وهو الركن الثاني من أركان التسويق الذي لا يقوم العلم إلا به - وجدنا أن المشكلة تكمن في سياسة التسعير لديه وليس في ضعف حملاته الترويجية. مسح سريع للسوق اكتشف بنفسه أن سعره تقريبا أقل من السوق بـ50 %! ولا بد من تعديل سريع في الأسعار، لأن عنصر التسعير هو أقصر الطرق لمضاعفة الأرباح. بعد ستة أشهر من تطبيق الأسعار الجديدة، تعافت الشركة تماما مما أصابها، وتأكد مديرها التنفيذي من الخلل، لأنه كان غير مقتنع وقتها أن مشكلته كانت في استراتيجيات التسعير، والأخطر أنه لم يكن يعلم عنها!

وفي نقاش جانبي مع الدكتور دون روي، وهو بروفيسور أمريكي متخصص بالتسويق، وكنت أستعرض معه هذه الحالة وحالات تمر علي بشكل أسبوعي لشركات قائمة لا يوجد لديها سياسات تسعير واضحة، أجاب الرجل: مشكلة التسعير أن غالب المديرين التنفيذيين وأصحاب المشاريع لديهم رهبة داخلية من دخول باب التسعير، لجهلهم به، ولأننا - كمتخصصين في التسويق - نبرزه بشكل صعب ومعقد!

التسعير من أمتع - وأخطر- القرارات التسويقية، لأن له أبعادا اقتصادية على العميل - السعر غال أو رخيص - ولكن الأهم الذي لا ينتبه له أصحاب المشاريع أن له أبعادا اجتماعية ونفسية، حيث يربط الناس الأسعار المرتفعة عادة بالجودة الأفضل، والأسعار الدنيا بالجودة الأسوأ، مع أن الواقع قد لا يكون بالضرورة كذلك. لهذا من الخطأ الإكثار من حملات التخفيضات في الأسعار حتى لا تفقد قيمتها، تماما مثل ما يحدث في شركات العود بالسعودية.

بقي السؤال في رأس المقال: كيف ترفع الأسعار على عملائك - خصوصا مع موجة الضرائب الجديدة وتكاليف العمالة - دون إغضاب العميل؟ لديك خطوتان هما الأكثر انتشارا وتأثيرا. أولا: طريقة ماكدونالدز، وتعني رفع الأسعار بقيمة قليلة جدا لا يلحظها العميل، ولكن بشكل مستمر، ولكن هذه تعني للمطعم الأمريكي نظرا لكثرة فروعه، مئات من الملايين سنويا. الطريقة الثانية: الشفافية مع العميل، حيث تخبره بصدق بالتكاليف الجديدة التي عليك، وكيف أنها أجبرتك على رفع أسعارك.

السعودية في السنوات القادمة مقبلة على تغييرات اقتصادية ضخمة، إن لم تفكر تسويقيا خارج الصندوق، فستجد نفسك سريعا خارج السوق!

@mhathut