الخيال برق يخطف الأبصارفي سماء عالم الإدراك العقلي شفافيات

17-02-2018

د.حمود الحطاب

ليس حديثي عن الخيال العلاجي الذي يطلقه الأطباء المعالجون في سماء الأمراض المزمنة أو المستعصية للتخفيف من ضغوطها النفسية المؤثرة حتى بيولوجيا على صحة المريض، فذاك الخيال هو عبارة عن مجرد استدعاء الصور الإيجابية في حياة المريض لتغيير تركيز المريض القلق الى حالة من الاسترخاء تخفف من حدة التوتر الذي يعاني منه بسبب أحوال مرضه, وهو بحق اسلوب علاج ناجح يربط بين التخيل وهو بعض من قدرات العقل, وبين الجانب البيولوجي البشري. وإنما أتحدث عن خيال علاجي تطلقه العقول البشرية يفوق مجرد استدعاء صورة مريحة في حياة مريض. انه التحليق في سماء المستحيل لتحويلها لواقع مؤقت قد يستغرق لحظات قليلة من الزمان. وليست إدماناً عليه ليفصل بين الانغلاق الفكري المسبب لليأس والقنوط والقلق, وبين السباحة في عالم الممكن بعملية ربط يصعب ادراك حلقاتها, إنها الاستراحة بين شوطي اللعب. فما على الباحث عن راحة للنفس من هموم الحياة العادية أو المرضية وتراكم مشكلاتها إلا أن يجلس وحيدا على سبيل المثال في ركن من أركان حديقة جميلة واسعة ليتخيل أنه ملك لتلك المستعمرة التي يعيش فيها, وأن هذه الحديقة الجميلة الهادئة إنما هي بعض ممتلكاته الخاصة به في هذه المملكة. وأما مشكلة كل من يمر من أمامه احيانا في هذه الحديقة, مؤثرا على كمال استرخائه الخيالي وقاطعا حبل انطلاقته تلك في فضائها التصوري العميق فماهم غير اشخاص يعملون في حديقته فلا يبالي بهم ولابالتفاعل معهم حتى ولو للحظة تحية وسلام, لقد اقتربت بهذه الفكرة من خيال شخصية دون كيخوته الذي رسمه سرفانتس الاسباني في تلك القصة العالمية اللطيفة وهي بلا شك نابعة من خيال علاجي من نوع آخر- إن هذا الخيال العلاجي الاختياري المدرك الذي لا افصله عن الخيال العلاجي الطبي بحال من الأحوال هو أيضا هروب من دنيا تصيبه بآفاتها كما قالت طبيبتي في حوار علمي استغرق ساعتين من الزمن .ولكنه هروب مؤقت يشبه الانحناء للعاصفة ريثما تمر. وليس الانحناء عن العاصفة المؤقت هذا يطبق هذا على التعامل مع الطغيان والطغاة الذين يجب صد عاصفتهم وليس الانحناء عنها تجنبا لشرها فذلك الصد وليس الانحناءهو الرجولة الاخلاقية في الرجل والمرأة على السواء.
إن وجود قدرة الخيال في العقل حقيقة لم تخلق عبثا “أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا” فليس هناك في خلق الله عبث -حاشا لله- فهذه القدرة الخيالية قوة في العقل، بل هي سر كل ابداع بشري في الحياة الحضارية الإنسانية .إن طاقات الخيال العقلي البشري الذي يحلق به العقل في «أجواز» السماوات والأرض قد جعلت الانسان يطير حقا, وليس خيالا وبحمولات يعجز العقل المنطقي أن يدركها فأدركها عقل الخيال وخيال العقل, وسبحاته الكونية الرائعة وحولها لواقع علاجي. وأستئذنكم فأترككم من دون اغلاق الموضوع.”الميك” عندكم. الى اللقاء.

shfafya50@gmail.com
كاتب كويتي