يا نور عيني

01-01-1970
«وسَلْوةْ فؤادي» كلمات، كيف لها أن تطير بنا إلى حيث الآفاق، وتأخذنا إلى الحنين، والحاجة الأعمق للراحة بعد شقاء، والأمل بعد وجع، والتفاؤل بعد ألم، هو الشعر ليس إذن؟، وهي الأزهار الطالعة من عمق مبدع باستطاعته حين تؤوب إلى حرفه أن يرحل بنا إلى عالم من الخيال، والسكينة، والاسترخاء الممكن في زمن اللاّ ممكن، وهذه الحياة التي تطحننا بشكل نافر، لتعيدنا قليلاً نحو الشعر، نسترجع الذكرى منتشين ب«يا ريت يرجع لي الزمن ذاك لي فات».
وما بين «بشل حبّك معي، وبلقيه زادي» إلى «رضى الهاشمي» نروح نستذكر ما مضى، وتلك الرحلات الأسرية والصحارى، وعيدان الغاف، والجلسات العائلية التي لا ينغصها شيء، والسّويعات التي نعيشها مع المحيطين بنا من أحبة وأصدقاء، نروح صوب «البرْ» والطبيعة الخلابة، الغنّاءَ بالحُب وإن كانت بعض أوقاتها جرداء إلا من شجيرات سَمْرٍ، وما بين فرحٍ، وحْطيبات مْورّايه، وسوالف، واجتماع قلوب مُحبّة، لا نجد أنفسنا إلاّ متأهبين لرحلة عودة إلى منازلنا بعد انقضاء يوم رائع تسرّب سريعاً من بين أفئدتنا دون أن نشعر به لأننا كنّا نحياه بكل تفاصيله «وغزالنٍ في الجري مرباه» تلوّح لنا: أنْ في حفظ الرحمن.
هو الحب، أو الشّعْرُ، أو الحاجة إليهما من ينتزعنا من أوجاعنا، «وخابت محبّه آخرتها فشل»، تقف عند حد الفشل لا توجعك أكثر من وقتها، لأنك منها تطلع إلى حيث الاحتواء الأكبر وسط المحيط الأجمل من قلب ضيّق، لم يستوعبك، كما لم يفكر في استيعاب ذاته، لذا فقد الاثنين معاً، إذن نحن في حاجة إلى الحب، لينتشلنا من عمق التعب، ويطفو بنا إلى سطح الحياة، و«أطلبْ الله يوم با صَلّي/يستعيدْ الحظ ما فاته».
وبين شجيرات السّمر، وتلك البطاح والغدران الناضحة بالحياة، و«الصبر لا جاوز حدوده قتل» وبين «شلّنا يابو جناحين طاير» تبدو الملامح أبهى، والصور أشد وضوحاً، والقلوب أكثر انشراحاً، والربيع الضحوك باسماً، يتمنطق وشاح الخضرة لكأن الأرض تحتفل بتلك الأفواج من المحبين للحياة، الذاهبين إليها، هرباً من عمل، وتقرباً من فرح في اجتماع ٍ يُرتقب في كل يوم حُرٍ من أسرِ روتيني خانق.

شيخة الجابري
Qasaed21@gmail.com