الاستغناء عن المواطنين

01-01-1970
حصة سيف

بعد مضي 17 عاماً من العمل المضني، وتبوؤ منصب مدير فرع لإحدى شركات التأمين، وهو منصب يسجل للمرة الأولى لمواطنة، وجدت نفسها مؤخراً خارج الحسبة، بعد أن أُجبرت على توقيع إنهاء خدماتها مع 3 من زميلاتها المواطنات، بحجة أن الشركة تعيد الهيكلة، واضطرت لتقليص وظائفها.
والشركة ذاتها التي فُصلت منها المواطنات الأربع، لم تتعد فيها نسبة التوطين 10٪، بمعنى أنها مازالت تُسّير أعمالها بموظفيها الأجانب، مع أن القانون واضح في أن تكون الأولوية للعمل في القطاع الخاص للمواطنين، فيما ذلك النص الواضح والصريح لتوطين الوظائف، لم تجد فيه الشركات حرجاً من أن تخالفه، كما لم تجد فيه قيداً حقيقياً في عملية إعادة هيكلتها.
كما أن في إجراء إنهاء الخدمة لإعادة الهيكلة، ظلم كبير وقع على المواطنات الأربع، فلم توفر الشركة لهن خياراً آخر بديلاً عن «الفصل التعسفي» من دون سابق إنذار، رغم أن اللواتي فُصلن من العمل يعتبرن من «الضليعات» في أعمالهن، بحكم الشهادات العلمية التي يحملنها، والخبرة التي قاربت العقدين من الزمن، والمنصب الرفيع الذي وصلت إليه إحداهن، مديرةَ فرع، والشهادات العلمية المتخصصة التي تحملها.
ورغم نص قانون العمل في أول بنوده أن تكون الأولوية للتوظيف للمواطنين، ومن ثم للجنسيات العربية، ورغم عدد الخريجين المواطنين في ازدياد، نجد الكثير من الأجانب يشكلون النسبة الأكبر من بين الموظفين، وخاصة في وظائف البنوك والتأمين، التي لا تحتاج لمؤهلات نادرة إلّا لتخصص علمي متمثل بإدارة الأعمال أو المحاسبة أو ما يشابههما، وهي تخصصات عكفت الكليات والجامعات الوطنية والخاصة على تخريج أفواج منها سنوياً، فيما مازالت نسبة التوطين خجولة في ذلك القطاع وغيره، ولا تتجاوز نسبتها ال10 ‪%‬.
وفي مثل تلك الوقائع، لابد أن يُعاد النظر في نص القانون غير الملزم، فيما يخص التوطين في القطاع الخاص، وكلمة «الأولوية للمواطنين» بالذات، غالباً ما يُغض الطرف عنها، وتفضل الشركات توظيف الأجانب، بدعوى قلة الامتيازات والرواتب المقدمة لهم، رغم أن الواقع يشي بعكس ذلك السبب، رغم أن الكثير من المواطنين راضون بتلك الأوضاع وبامتيازاتها الضئيلة، مقارنة بالقطاع الحكومي.
ومع تكرر تلك الوقائع التي نشهدها بشكل دوري، في «تفنيش» المواطنين من القطاع الخاص، مازلنا نتعشم خيراً بتغيير مسمى وزارة العمل إلى وزارة الموارد البشرية والتوطين، وننتظر إجراءات وقوانين جديدة تلزم القطاع الخاص بتوطين وظائفه، لتضمن نسبة من الأمان الوظيفي للمواطنين فيه، وتضمن الاستقرار، لا أن يكونوا في مقدمة من يتم الاستغناء عنهم ولخدماتهم، مهما بلغت درجة مؤهلاتهم وخبراتهم وتمكنهم في وظائفهم.

hissasaif@yahoo.com